مذكرات هيكارو السرية –  أساليب جديدة!

مذكرات هيكارو السرية – أساليب جديدة!

الحلقة التاسعة والعشرون

اشتعلت الحرب من جديد وحدث ما كان يخشاه دايسكي، اشتعلت على نحو غريب هذه المرة أثار حيرتي وكذلك مخاوفي، لقد بدا أن العدو هذه المرة يتسلل بين صفوفنا، يتسلل ويراقب ويهاجم دون سابق إنذار، ويبدو أنه أيضًا يعرف الكثير عنا، متى كان الهجوم الأول؟

لقد كان ذلك منذ أسبوعين تقريبًا، كانت الأجواء تنذر باحتمالية هطول الأمطار ورغم ذلك أصر أبي على أن نذهب في مشوار خاص، لم يعلمنا أبي بوجهتنا ولم يكترث لحالة الطقس، أعتقد أنه محق بشأن الطقس؛ ففي مثل هذه الأيام من كل سنة تشهد طقسًا غريبًا وماطرًا ولا يمكن لحياتنا أن تتوقف خشية المطر، أصر أبي كذلك على أن يصحبنا دايسكي في هذا المشوار الغامض، قلت له أن بإمكاني قيادة الجيب وأن دايسكي منشغل بعمله في مركز الأبحاث لكنه أصر على رأيه، لهاذا ذهبت صوب المركز وأخرجت الجيب وقدتها للمزرعة وتحديدًا أمام الباب استعدادًا للانطلاق بها، ووقفنا نتتظر وصول دايسكي من المركز، كان إصرار أبي في ذلك اليوم يسبب لي الكثير من الحرج فعلًا، فأنا أعرف الآن معنى العمل في مركز أبحاث كمركز دكتور أمون، أعرف كم العمل المطلوب من كل واحد في الفريق، وأقدر حجم المسؤولية والالتزامات أيضًا، كما أن تأخر دايسكي في الحضور زاد من شعوري بالحرج، هو منشغل كما توقعت! كان بداخلي شعور شخصي آخر بالاستياء لعدم ثقة أبي بقيادتي وهو ما أشعرني بالحزن وقتها.

وصل دايسكي فقلت له لا شعوريًا أنه ليس مضطرًا للذهاب وإضاعة وقته مع أبي على هذا النحو، لا أدري ما الذي دفعني للتفوه بكلمات كتلك، تفاجأ دايسكي من كلامي وقال لي: “عفوًا! لا تؤاخذيني” أعرف.. دايسكي مستاء مما قلت أو ربما هو لم يفهم ما أعنيه، أنا أيضًا لم أكن أفهم بوضوح ما قلت؛ لهذا أجبته: “نحن نرحب بك يا دايسكي ولكن عملك المهم يستدعيك”، كان رد دايسكي عليَّ في تلك اللحظة رائعًا وبليغًا لدرجة أنستني حرجي واستيائي، لقد مد يده وأخرج قلادته الفليدية وأمسكها بيده وهو يقول لي: “أعلم.. إن حصل شيء جديد لا تقلقي” لم يفهم أبي وجورو ما أراد دايسكي قوله بالضبط، إنهما معذوران، هما يعتقدان حتى تلك اللحظة أن دايسكي هو فقط إنسان عادي ابن الدكتور أمون الذي يعمل في مزرعة البتول الأبيض ويساعد والده في المركز، أنا فقط كنت أفهم ما يعنيه هو في ذلك الوقت، لقد شعر دايسكي بقلقي وأراد أن يزيل ما علق بنفسي فعلًا، أشار دايسكي لقلادته التي أنقذتني من قبل، قال لي “لا تقلقي” أنتَ محق دايسكي! كيف لي أن أقلق وأنا بصحبتك حتى لو لم تكن أمير كوكب فليد؟! يكفي أنك دايسكي الذي أحببته ووثقت به وساندته ودعمني! لهذا قلت له “فهمت” ولم أستطع أن أزد شيئًا في حضور أبي وجورو.

اشتد المطر فعلًا، وأخذ أبي يرشدنا للمكان الذي يرغب بزيارته، كانت قرية صغيرة نشأ أبي فيها، لكنه تركها منذ سنوات طويلة، ولا يملك بيتًا ولا أصدقاء فيها الآن، كل ما تبقي لأبي في تلك القرية هو مقبرة العائلة، لهذا تساءلت إن كنا سنزور المقبرة، تعجب دايسكي واستاء جورو وأكد أبي كلامي قائلًا: “من الضروري زيارة مقبرة العائلة لإحياء ذكري أسلافنا، عدا عن ذلك أمامنا عمل هام ينتظرنا اليوم” هذا كل ما قاله أبي ونحن في طريقنا للقرية، أما ما وجدناه هناك فكان مفاجأة.

ذهبنا للمقبرة وأخذ أبي يستعيد ذكرياته ونحن جالسون حوله ننتظر ما سيخبرنا به، شعر جورو بالملل فخرج للمساحات الخضراء المحيطة بالمكان، لكن أبي لم يقل شيئًا جديدًا وبقينا ننتظر لوقت طويل حتى عاد جورو وليته عاد منذ البداية، مع عودة جورو اصطحبنا أبي لإحدى الغرف الموجودة بالمكان وأزاح الستار عن صندوق كبير وأرانا إياه، فال أن هذا الصندوق هو إرث العائلة، فتح الصندوق فوجدنا داخله دروع لحماية الرأس والصدر وسيوف وخناجر، قال أبي أن لعائلتنا تاريخ طويل في الحروب، وفي ذلك الوقت قطع القس حديثنا، دخل الغرفة وهو يتساءل عمن يكون هنا، بدا أنه يعرف أبي منذ زمن وأن أبي قد ترك هذا الصندوق في أمانته منذ زمن بعيد، هنا صرح أبي لنا بشيء جديد، لقد غير أبي توجهه السياسي نحو رجال الفضاء وبدلًا من منصبه كرئيس للجمعية التي تود صداقة رجال الفضاء فقد أصبح المسؤول الأول عن حماية الأرض من الغزو، أبي غريب الأطوار فعلًا، سمع جورو قول أبي ففرح به وهنا مازحته وأنا أهمس في أذنه: “لا تمدحه كثيرًا” لم يفهم جورو الصغير ما أعني وظن أني لا أؤيد فكرة مقاومة الغزاة، ففال لي: “أليس من الأفضل مقاومة الغزاة على مجاراتهم؟!”، لم يكن الوقت يسمح بالمزيد من الشرح فقررت أن أحادث جورو بعد عودتنا وأشرح له الأمر، فأنا بالطبع لا أؤيد مسامحة الغزاة أو الخضوع لهم أو مجاراتهم ولكن أبي متحمس بدرجة كبيرة، وكثيرًا ما يخطئ في تقدير الأمور مما يعرض حياته للخطر، وهذا سبب مزحتي مع جورو.

دون سابق إنذار بدأت الأمور تشتعل، لم نرَ صحون يوفو أو نسمع نداءات أبي كالعادة؛ لكن المصباح المعلق في سقف الغرفة قد انطفأ فجأة وانقطعت الكهرباء وخطوط الهاتف وكافة الاتصالات، وسمعنا صوت أزيز غريب يأتي من الخارج، تسللنا بحذر خارج المكان فرأينا كلبًا ينبح بشدة، ثم أجسام صغيرة جدًا تلتمع تتجه نحوه، أحاطت الأجسام الصغيرة بالكلب الذي أخذ يتلوى من الألم ثم اختفى تمامًا، انفضت الصحون وتبعثرت في كل مكان، تساءل أبي عما يحدث موجهًا حديثه لدايسكي الذي أشار بيده أن نصمت وأن نتبعه ففعلنا.

جلسنا بهدوء داخل المكان نتحدث، قلت لدايسكي متسائلة:

يوفو أليس كذلك!

نعم، يوفو صغير الحجم ويشتغل بالموجات الكهرومغناطيسية.

عبر جورو وأبي عن خوفهما فطمأنهما دايسكي بأننا سنكون بأمان إن ابتعدنا عن المكان بهدوء، لكن المشكلة هي أننا بحاجة لطلب المساعدة قبل فوات الأوان، أعرف ما يقصد دايسكي بذلك، إنه يعني إبلاغ مركز الأبحاث فورًا، نهض أبي وهو يرتعش من الخوف وقال أنه سيخرج ليخبر جماعته بالأمر، لا زال أبي يتحدث عن جمعية حماية الأرض من الغزو، في حين ذكر القس أن الخطوط التليفونية قد انقطعت وأنه لا سبيل لطلب المساعدة، وحدث ما كنت أعرفه منذ البداية، لقد نهض دايسكي بحزم وأعلن أنه سيقوم بالمهمة بنفسه، ولسوء الحظ لم تكن ساعة دايسكي المزودة بجهاز الاتصال بموجات الراديو معه في ذلك اليوم.

خرج دايسكي من المكان بهدوء وأخذنا نراقبه من حافة الباب، كان يسير بهدوء ويتلفت يمينًا ويسارًا، يتجه صوب الجيب ويحاول بلوغها والانطلاق بها، كان كل شيء يسير على ما يرام لكن لا تأتي الرياح دومًا بما تشتهيه السفن، لقد تعثر دايسكي فجأة في نتوء صخري وسقط أرضًا، هب بعدها واقفًا بسرعة بعد أن انتبهت الصحون لوجوده وقفز داخل الجيب وانطلق بها دون إضاعة ثانية واحدة.

انطلقت الصحون الصغيرة تطارد السيارة الجيب بشراسة، وغاب دايسكي لفترة طويلة بقيت فيها أصلي لأجله، كنت واثقة من قدرته على حمايتنا وبلوغ مركز الأبحاث والعودة بجريندايزر، لكني أيضًا كنت قلقة جدًا عليه، لقد بدت تلك الصحون شرسة للغاية، وزاد خوفي بعد أن عادت الصحون فجأة، لا أعتقد أن الوقت كان كافيًا لوصول دايسكي لمركز الأبحاث، إذن لماذا عادت الآن؟ تمنيت ألا يكون مكروهًا قد أصاب دايسكي وتماسكت لأمد أبي وجورو بالقوة، وأخذت أرقب الصحون التي تتجمع على الأعمدة الموجودة في الحديقة وتزيلها في ثوانٍ، وعاد الأزيز المشؤوم يغمر المكان.

لم يرضَ أبي بالجلوس والمشاهدة، لهذا أسرع بارتداء الدرع والخوذة وأمسك بسيف وخنجز وانطلق للخارج، حاول أبي أن يقاتل الصحون ولم يستمع لنصحنا، حين لحقنا به – جورو وأنا –  وجدناه ملقًا على الأرض أسفل إحدى الأشجار وقد تلاشى درعه وكذلك خوذته، وتكسر السيف والخنجر اللذان كانا معه ولم يتبقَ منهما غير مقابضهما فقط، وقد اختفت الصحون من المكان تمامًا، حاولت إفاقة أبي الذي كان فاقدًا لوعيه، ورفعت بصري للسماء أتمنى أن ألمح جريندايزر!

عاد دايسكي بعدها بمدة بدراجته، لقد تحطمت الجيب وسقطت في النهر حين حاول الوصول لمركز الأبحاث، لهذا السبب عادت الصحون باكرًا إذن! كاد دايسكي أن يقتل ولكن الحمد لله فقد نجا هذه المرة أيضًا، اصطحبنا دايسكي لمزرعة البتول الأبيض وقد تسبب هجوم اليوفو اليوم في تدمير كنز العائلة الذي كان أبي فخورًا به للأسف، كما تسبب في تفجير مخاوفنا من جديد، لقد ودعنا أيام السلام والراحة وها هي الحرب تخفي لنا في جعبتها أشياء جديدة أكثر خطورة.

أخبرني دايسكي فيما بعد أن الصحون الصغيرة التي رأيناها كانت تملك القدرة على الالتحام معًا مشكلة وحشًا فضائيًا كبيرًا، وأنه لولا ملاحظته لبعض البقع السوداء الصغيرة في ساق هذا الوحش لما عرف طريقة القضاء عليه، فكلما وجه دايسكي سلاحًا صوب هذا الوحش كانت الصحون تنفصل وتتبعثر ثم تعاود الالتحام وكأن شيئًا لم يكن، لكن هذه البقع كانت تثبت أن هناك صحونًا تُدمر مع كل ضربة، وهذا يعني أن القضاء على هذه الصحون ممكن وأن الأمر يتوقف على منعها من الانفصال لا أكثر، لذا راوغ دايسكي الوحش حتى أغراه بالتقدم نحوه والهجوم عليه ثم استخدم رعد الفضاء للقضاء على الصحون ملتحمة على غفلة منها.

هذه كانت البداية الثانية للحرب، لكن ما جعلني أشعر بأنها أكثر خطوة وغرابة هو ما حصل بالأمس، كنت أمارس عملي في المزرعة كالمعتاد ومررت بالقرب من دايسكي فسمعته يحدث دكتور أمون عن جبل E قائلًا: “ربما تسلل العدو إلى جبل E”

فتوقفت وسألته:

دايسكي، لقد ذهب جورو لزيارة منزل صديقه في جبل E هل يكون بخير؟

ماذا؟

أتذكر صبيًا انتقل مؤخرًا إلى مدرسة جورو ؟

هيكارو لما ذهب جورو إلى هناك؟

لام التلاميذ الصبي لأنه أضاع الطائر القمري فكره الذهاب إلى المدرسة.

أقلتِ الطائر القمري؟!

نعم، وثق جورو بالصبي، أظن أنه ذهب للتسرية عنه.

هذا ما دار بيني وبين دايسكي في تلك اللحظة، ولصدمتي التفت دايسكي لساعته وعاد يحدث دكتور أمون ويطلب منه أن يبحث عن قمري يدور حول المركز، وأخبره أنه ربما يتجسس وطلب منه أن يعلمه بمستجدات الأمور فورًا، هنا لم أتمالك أعصابي، أفلتُ الدلو الذي كان بيدي وشهقت فزعة وأنا أهتف: “هو صديق جورو إذن؟” فأجابني دايسكي بأنه من المحتمل أن يكون جورو قد تورط وأن علينا استعادته فورًا، ودون كلمات إضافية اتجه دايسكي نحو مركز الأبحاث وأخرجت أنا حصانًا من الإسطبل وتوجهت نحو جبل E.

بالقرب من قمة الجبل رأيت جورو يركض وهو سالم، احتضنته بفرحة وعدت به للبيت،

في طريق العودة روى لي جورو أشياء فظيعة، قال أنه وصل لمنزل هارو ومعه طائر قمري من المطاط قد اشتراه وأراد أن يقدمه له كهدية، ولكن ما إن

اقترب من الباب حتى فتحه هارو بقوة فسقط جورو أرضًا، أخبره هارو أنه لم يكن عليه أن يأتي إلى هنا، لكن جورو كان يريد أن يعرف الحقيقة، فقد رآى جوار بيت هارو بضع ريشات للطائر القمري الذي كانوا يحتفظون به في المدرسة، والذي اتهم الطلاب هارو بأنه قد قتله، أراد جورو أن يعرف فعلًا لماذا قتل هارو الطائر، وعلى الرغم من ذلك قال لهارو: “أنه بإمكانه ألا يخبره الآن عن السبب وأن مؤكد لديه سبب وجيه” كان جورو يحاول كسب صداقة هارو قدر الإمكان لكن الأخير تغير فجأة وأخذ يردد بأن جورو لن يتمكن من العودة للبيت، وأنه سيعرف أي مخلوق هو الآن، بعدها أمسك هارو صدره وأخذ يتألم وأخيرًا برزت قرون صغيرة في رأسه وتضخم جسده على نحو مخيف، وعرَّف نفسه لجورو باعتباره المغوار هاروك من نجم دلتا.

حاول المغوار هاروك أن يقتل جورو، وكانت حجته أنه انكشف له وهذا خطر عليه، ودار بينه وبين جورو كلام كثير عن الحمام، قال هاروك أنه يحب الحمام لكن الحرب غيرته وجعلته يقتل الحمام دون رحمة، وفي لحظة حرجة أطلق هاروك سراح جورو وطلب منه أن يركض بأقصى سرعة قبل أن ينفجر المكان، في تلك اللحظة كنت أنا أصعد الجبل والتقينا والحمد لله.

لقد كان الطالب الذي أتى حديثًا لمدرسة جورو هو أحد رجال فيجا؛ لكنه كان بجسم طفل صغير وهذا الأمر لم يحدث من قبل، لم يحدث أبدًا؟

قيم الموضوع
  • مذكرات هيكارو السرية – أساليب جديدة!

    الحلقة التاسعة والعشرون اشتعلت الحرب من جديد وحدث ما كان يخشاه دايسكي، اشتعلت على نحو غريب هذه المرة أثار حيرتي وكذلك مخاوفي، لقد بدا أن العدو هذه المرة يتسلل بين صفوفنا، يتسلل ويراقب ويهاجم دون سابق إنذار، ويبدو أنه أيضًا يعرف الكثير عنا، متى كان الهجوم الأول؟ لقد كان ذلك منذ أسبوعين تقريبًا، كانت الأجواء…

اترك تعليقًا

هيكارو ماكيبا

موضوع هذه المدونة هو الأنمي الياباني الشهير UFO Robot Grendizer والذي أنتج بين عام 1975 و 1977 ودبلج للعربية في مطلع الثمانينات باسم “مغامرات الفضاء جريندايزر” ، كما دبلج لغيرها من اللغات مثل الفرنسية والإيطالية والإنجليزية.

Translate »