في الجمل الأخيرة التي قالتها الأميرة روبينا لدوق وقت احتضارها إشارة هامة لتفسير صفقة السلام التي اقترحتها الأميرة بطريقة مبطنة، قالت الأميرة:
“عندما تعود لفليد سم أول وردة روبينا، كل ربيع أزدهر وأعود إليك وحتى تذكرني دائمًا!”
هذه هي الترجمة الحرفية لما قالته وفيها إشارة مهمة لأسطورة ناركسوس الشهيرة رغم مافي الكلام من رقة وشاعرية، هذه الإشارة لم تأت للإساءة للأميرة العاشقة ولكن لكي تثري القصة أكثر وتوضح طريقة التفكير الغير معلنة التي صاغت بها رربينا صفقة السلام المزعومة.
المعروف أن زهور النرجس في الأسطورة كانت بقايا ناركسوس الذي كان يعاني من الغرور والأنانية وكان يكثر من النظر لصورته في الماء بعد أن عشقها وظنها حورية تبادله الحب وعجز عن نيلها فمات حزنًا ثم نبتت أزهار النرجس مكانه على ضفاف البحيرات والأنهار، ولم يكن ناركسوس مكترثًا بحب الحورية إيكو له أبدًا؛ بل إنه وقع في غرامه الشديد لصورته هو، وكان ناركسوس لا يرى غير تفسه، ولا يسمع غيرها ولا يشعر بغيرها.
هذه الإشارة تعتبر عنصرًا مهمًا في شرح نفسية الأميرة روبينا التي اشتركت مع ناركسوس في أبرز صفاته الظاهرية وهي الجمال الشديد والافتتان بالنفس والانغلاق عليها أيضًا، طبعًا أنا أقول هي رمزية فقط لمعنى في الأسطورة وليس تجسيدًا لكامل الأسطورة وإلا اختلت القصة كاملة.
كلمة “نرجسي” مشهورة في علم النفس وتعتبر من العقد الشهيرة “عقدة النرجسية” وفي القصة روبينا كانت تعاني من بعض النرجسية وكانت تحمل جمال ناركسوس وافتتان الآخرين به، هذا يفسر جمالها الباهر، تشبيه دوق لها بالوردة، خلع خوذتها وغنجها حبن رأته على الأرض، افتتان زوريل بها.
كما أن مشهد البحيرة ووجود الأزهار الفليدية على ضفافها واختيار الدوق لها تحديدًا لتشبيه الأميرة بها يعيدنا لجو الأسطورة كثيرًا: ناركسوس ينظر لصورته في الماء مرارًا وتكرارًا، يعيش قصة حب وهمية مع صورته، أزهار النرجس تنبت على ضفاف البحيرة.
من جهة أخرى كانت الأميرة روبينا أشبه بناركسوس في انغلاقها على نفسها، فهي أحبت وصف الدوق لها بالوردة الجميلة وظل عالقًا بذاكرتها دون إدراك كامل للموقف الذي قيل فيه، لأن هذا الاطراء كان يشبع شعورها الداخلي بالجمال وكانت هي تعي تمامًا وجود هذا الجمال الطاغي، ولنفس السبب حين رأت فليد نسجت صفقة سلام تحقق أحلامها هي ولم تضع وزنًا لمشاعر الطرف الآخر وآلامه؛ بل وحقوقه كذلك، كانت ترغب فقط بتحقيق حلمها وإشباع عواطفها وامتلاك من أحبت دون أن تسأل إن كان هو يرغب بذلك أم لا؟ ولهذا السبب حين قاطعها بقوله “لكن” وهي الكلمة التي أسقطها الدوبلاج العربي – قاطعته ولم تحاول أن تسمع ما لديه.
هذا تحليل ليس فيه تشويه للأميرة العاشقة لكنه يشرح موقفها ويفسر جمالها ويفسر حلاوة الموسيقى والأجواء الرومانسية التي رافقت ظهورها هي فقط لأنها كانت تعبر عنها وحدها وعن شعورها ورومانسيتها.
اترك تعليقًا