لقراءة الوصف السردي للحلقة ومشاهدتها
بعد أن انتهينا من سرد أحداث الحلقة لتتذكروها بدقة دعونا نحللها معًا ونخرج بالمعنى الخفي فيها، نبدأ بعنوان الحلقة وفكرتها الأساسية:
عنوان الحلقة “نيزك جزيرة مهجورة” يشير العنوان للوحش الذي كان يقوده #جاسكا وليس لقاعدة #فيجا الجديدة، وبالتالي فجاسكا هو محور مهم وأساسي في هذه الحلقة، وهذا الوحش الذي كان متخفيًا في هيئة نيزك كان امتحانًا لعدة أشخاص في القصة.
ما هي فكرة الحلقة 43 من جريندايزر بعنوان نيزك جزيرة مهجورة؟
يبدو أن للحلقة معنيان:
المعنى الأول: المعنى الظاهري
وهو معنى جزئي درامي، فهي تستعرض مرحلة ما في القصة، حيث كان يتم تشكيل فريق #جريندايزر وبناء روحه الجماعية، كذلك كانت تضع بذرة إنشاء قاعدة فيجا على الأرض لكن بفكر #زوريل هذه المرة، حيث أن #بلاكي قد حاول إقامة قاعدة على الأرض من قبل مثلًا في الحلقتين 17 و 19 وفشل، ونجح فعلًا في حلقات أخرى مثل الحلقة 15 و 20.
المعنى الثاني: المعنى الضمني
معنى ضمني يقدم لنا نموذجين مختلفين للمقارنة، فالقاعدة التي أنشئت على الأرض كانت نموذج فيجاوي مقابل مركز أبحاث الفضاء الأرضي، وجاسكا كان في الحلقة هو النسخة الأبشع من دكتور #أمون و #دايسكي، تبدو المعاني مبهمة وغير مقنعة لهذا دعونا ندخل سريعًا في تفاصيل الموضوع:
قاعدة فيجا ومركز أبحاث الفضاء
يوجد تشابه كبير بين الاثنين في هذه الحلقة، ولم يرد هذا التشابه من قبل ولا من بعد في المسلسل، أوجه الشبه هنا هي:
1 – وجود قائد وعالم كفء يدير القاعدة، فهذه هي المرة الأولى التي يُوكل فيها أمر قاعدة فيجا على الأرض لعالم وليس لعسكري فقط، لهذا ذكر زوريل أن جاسكا عالم كفء وقائد كفء، صحيح ظهر القائد يارا كعالم من قبل في الحلقة 15 لكن لم يكن مكلفًا ببناء القاعدة، بل بمهمة محددة وهي بناء مولد الزلازل وإغراق سهل كانتو، نعود لجاسكا والذي تشابه مع دكتور أمون كثيرًا في كونه عالمًا وقائدًا، فدكتور أمون عالم كفء، وقد ظهر في هذه الحلقة تحديدًا كقائد كفء وسأشرح لكم المواقف لاحقًا.
2 – التمويه: هذا هو وجه الشبه الثاني، فكما تختفي قاعدة #جريندايزر وراء السد أسفل مركز أبحاث الفضاء، فقد بنى جاسكا القاعدة في جبل بركاني أسفل بحيرة اصطناعيه للتمويه.
هذا من حيث تشابه البيئتين اللتين تقع الأحداث فيهما، دعونا الآن نتحدث عن أوجه عديدة للمقارنة والمقابلة في الحلقة:
نموذج العمل الجماعي
قدمت الحلقة نموذجين مختلفين للتعامل في العمل الجماعي:
– نموذج فيجاوي.
– نموذج أرضي.
في النموذج الفيجاوي ظهر لنا عدم وجود هدف واحد يجمع الكل، فزوريل و #جاندال أرادا بناء قاعدة على الأرض لتنطق منها الجهمات على مركز الأبحاث، وجاسكا أراد وعد جاندال له بالترقية لدرجة أنه أصيب بالبارانويا والهوس ورآى نفسه ينتصب فوق الكرة الأرضية، ووردت لقطة رائعة للكرة الأرضية من داخل عيني جاسكا وكأن الكاميرا تقف وراء شبكيته، جاءت عين جاسكا من الداخل نابضة بالدم والإثارة والشر، كان ينظر للأرض هكذا ويقول لنفسه وهو يبتسم بشراسة وزهو: “بلاغ لكل القادة في قاعدة الأرض.. أنا سائر نحو المجد.. كم انتظرت طويلًا هذه الفرصة”
وعلى عكس جاسكا تمامًا كان جنود فيجا بلا هدف تقريبًا سوى البقاء على قيد الحياة، كانوا يطيعون الأوامر لا أكثر، وأظهرتهم الحلقة خائفين من جريندايزر على نحو مؤلم ومثير للشفقة، فحينما التقط الرادار اقتراب جريندايزر ترك الجنود أعمالهم وسقطوا على الأرض فزعين وهم يصرخون باسم جريندايزر ويحاولون الهرب.
على الأرض كان الوضع مختلفًا إلى حد كبير، فقد كان هدف الكل التحقق من النيزك أولًا وجمع المعلومات عنه، ثم حماية الأرض من وحش فيجا ثانية، ظهرت الأهداف الشخصية لكوجي في هذه الحلقة على نحو حاد وعصبي، وكان كوجي يحاول إثبات كفاءته ومن ثم التكفير عن فشله بطريقة غير مناسبة لعضو في فريق كامل، وأظهرت الحلقة طريقة تعامل الكل مع هذا الموقف، وأخيرًا أظهرت تراجع كوجي عن موقفه تمامًا، حتى أنه أثنى على قتال دايسكي لوحش فيجا في نهاية الحلقة رغم أنه كان قتالًا فرديًا، وبالمقابل أجابه دايسكي بأن هذا ليس إنجازه هو بل إنجاز المجموعة، فحتى لو كان قد اضطر لقتال وحش فيجا منفردًا لكون جاسكا طلب نزالًا فرديًا إلا أنه يعرف أن هذا ليس قراره هو وليس مدعاة للفخر الفردي.
قدمت الحلقة كذلك مقارنة رائعة في طريقة تعامل كل فريق من الداخل:
في قاعدة فيجا حين أخطأ قائد جوم جوم وخالف أوامر جاسكا بالمراقبة وقام بمهاجمة قارب الدورية مما تسبب في كشف مكان القاعدة – كان رد فعل جاسكا مروعًا، قبض على أحد جنوده من ملابسه، أمر باعتقال قائد جوم جوم، قال أنه سيعاقب كل من يخالف الأوامر أيًا كان، ظهر يراقب جنوده المسخرين لبناء القاعدة في مشهد متعالي ومسيطر، نادى جنوده في جهاز الاتصال يطلب منهم الإسراع في العمل كرد فعل على خروج أحد جنوده عليه ليؤكد سيطرته التامة ويذل جنوده جميعًا ويضمن طاعتهم الإجبارية له.
في مركز الأبحاث أخطأ كوجي كثيرًا في الحلقة، حين طلب دكتور أمون تأكيدًا أزاح كوجي دايسكي بيده في لقطة نادرة وتخطاه كقائد للفريق تمامًا وخاطب دكتور أمون بقوله: “جاهز سيدي دعني أذهب”، ورغم ذلك نجد دايسكي يتجاوز عن هذا التصرف الغير لائق من كوجي ويقول: ” حسنًا كوجي”، ثم حين تصل أخبار قارب الدورية نرى كوجي في جدال مع دايسكي، يظهر المشهد الجدال من منتصفه حين ارتفعت حرارته، نجد كوجي غاضب لدرجة كبيرة، قبضتيه ترتجفان ويردد: “اللعنة دعوني أذهب” ودايسكي يستوقفه.
إذا حاولنا تخيل المشهد كاملًا فسيكون كالتالي:
دكتور أمون يطلب من دايسكي الحضور لمكتبه ويطلعه على ما حدث بشأن قارب الدورية باعتباره قائد الفريق ويطلب منه الخروج بفريقه بطريقة منظمة للتحقق من الأمر مع التزام جانب الحذر، يرجع دايسكي لفريقه ويخبرهم بالأمر، يعلمهم بالمكان وبأن الفارق الزمني بين فقدانهم لأثر النيزك وبين حادثة القارب قد تعني أن قوات فيجا تمكنت من دخول الأرض وربما أكثر، فيشعر كوجي بالذنب ولهذا يطلب من دايسكي أن يجعله يذهب وحده فيرفض دايسكي، لا يمنح كوجي دايسكي الفرصة ليشرح سبب رفضه ويصر على الذهاب بعنف ويقول أن هذا واجب عليه هو فقط، يكرر دايسكي رفضه وتؤيده #هيكارو فينفعل كوجي وتبدأ الأحداث التي رأيناها على الشاشة، يقول كوجي جملته: “اللعنة دعوني أذهب” يستوقفه دايسكي ويقول له: “علينا ألا نكون أنانيين لا يليق بك هذا التصرف”، وهنا يفعل كوجي ما فعله جاسكا مع عكس الأدوار، يمسك بملابس دايسكي بعنف وهو يقول: “ولكن لأنني لم أؤكد فهذه مسؤوليتي”، بالضبط كما أمسك جاسكا بملابس الجندي وأمره باعتقال قائد جوم جوم، كوجي فعل ذلك مع قائده لهذا فالموقف عكسي، وكوجي كان يعبر عن ندمه على تقصيره عكس غطرسة جاسكا وشراسته، الأجمل هو موقف دايسكي المنافي تمامًا لجاسكا، فقد أزاح دايسكي يد كوجي بهدوء وهو يرد عليه: “لا أحد يلومك لقد مررت بظروف قاسية”، في حين أن جاسكا رمى بالجندي على الأرض بعنف وواصل تهديده وعصبيته، فالصورة التي عبرت عنها الحلقة للقائدين كانت رائعة بحق.
موقف دايسكي هز كوجي فاستدار وظل يضغط على أسنانه بعصبية وقبضتيه مضموتين بشدة، تجمد الموقف لبرهة وتدخلت هيكارو تذكر كوجي بحديث سابق للدكتور أمون قائلة: “كوجي لنحفظ وحدة الفريق ألا تذكر!؟”، جملة هيكارو كانت مفتاحية، فالمشكلة فعلًا تدور حول هذا المعنى، وهم فريق، وهذا الفريق يتقاسم الخسائر كما يتقاسم الانتصارات دون أن يلقى اللوم على فرد دون آخر، هم فريق يفكر بطريقة جماعية يعمل بطريقة جماعية ويجمعهم رباط وثيق، بالضبط كما قال دكتور أمون من قبل: ” التفكير الجماعي أهم شيء، بدون أي واحد منكم لا أحد له قوة كاملة، لذلك يجب ألا تنسوا أنكم فريق واحد تحت قيادة دايسكي، العمل الجماعي يحتاج لتعاون وثيق”، موقف كوجي ورد دايسكي وجملة هيكارو كانوا بمثابة شرح عملي لدرس دكتور أمون النظري، الجميل في هذا المشهد هو أن كوجي سمع جملة هيكارو وظل على موقفه دون أن يتراجع أو يقول شيئًا، وظل دايسكي جامدًا كذلك حتى التفتت إليه هيكارو فنظر إليها ثم أقدم على خطوة جديدة، كانت هذه النظرة جميلة جدًا وكأن هيكارو كانت تقول له فيها: “هذا هو الوقت المناسب، من فضلك افعل شيئًا كقائد لنا”، بالفعل مد دايسكي يده ووضعها على كتف كوجي الذي فزع في بداية الأمر ثم استكان حين سمع جملة دايسكي: “كوجي هذا لا يعني أنك لا تستطيع الذهاب.. فلنذهب معًا”، كوجي كان في حالة نفسية وعصبية سيئة جدًا لدرجة أن وّضْع دايسكي لكفه على كتفه أفزعه، وعندما سمع جملة دايسكي التطمينية التفت إليه ووضع يده على ذراعه ممتنًا ولم يستطع قول شيء (كوجي لم يشكر دايسكي في النسخة الأصلية كما حدث في العربية).
وجه آخر للمقارنة هو النيزك وومضته الشعاعية، هذه الومضة أصابت أربعة في القصة: كوجي، دايسكي، هيكارو وجاسكا، وكل واحد تأثر بها على نحو مختلف، تأثر كوجي بشدة وفقد القدرة على الرؤية وتألم وفقد وعيه وكاد أن يفقد حياته، أما دايسكي وهيكارو فقد أصيبا بتشوش الرؤية وصعوبة قراءة العدادات، وجاسكا أصيب بها بعنف من مسافة قريبة وصرخ ومات، جاء التفسير الدرامي لضعف تأثير الشعاع على دايسكي وهيكارو كونه منطلقًا من الماء، لكن التفسير الضمني هو أن الشعاع حين أصاب اثنين كان مختلفًا عن إصابته لواحد فقط، فالفريق حين يتقاسم العمل تتغير النتائج ونصيب كل فرد من المعاناة، لكن بما أن هذا المعنى لا يمكن طرحه بدون مبرر درامي يقنع المشاهد فقد جاء مبرر الماء وهو مقبول جدًا، أما جاسكا فقد أصابه الشعاع كجزاء عادل، فحين مد ذراعيه ليصيب جرايندايزر وقفز الأخير في الهواء وسقط جاسكا في الجرف ضغط دون وعي على زر الشعاع فانطلق مواجهًا له هو، وبهذا نال جاسكا جزاءه العادل فعلًا.
نلاحظ في الحلقة بشاعة سياسة فيجا وقتل جاسكا لجنوده فعلًا وإسقاطه للميني فو وتشبثه ببناء القاعدة رغم موت جنوده وتطاير التصميم في الهواء فقط لأنه كان يقاتل لأجل هدف شخصي بحت، أصيب جاسكا بالجنون فعلًا في نهاية الحلقة، جنون العظمة والرغبة الشديدة في النصر لإثبات الذات، هذا بالضبط كان مخالف تمامًا لموقف دايسكي في نهاية الحلقة وهو يقول: “ليس هذا إنجازي بل إنجاز المجموعة”، ومخالف كذلك لموقف دكتور أمون في الحلقة السابقة وتأجيله تشغيل العقل الإلكتروني ورفضه لفكرة تحول المركز لأداة حرب.
وأخيرًا: من المدهش أن يكون السلاح الأشرس لدى جاسكا هو الومضة التي تسبب مشاكل بصرية وليس شعاع فيجاترون مثلًا، هذا السلاح بالذات له معنى درامي مهم، فالحلقة بالكامل تدور حول أهداف ورؤية كل طرفف في الصراع ولا علاقة لأي نتيجة من نتائجها بالإمكانيات الجسدية أو العسكرية مثلًا، المسألة مسألة رؤية عُبر عنها بطريقة مادية من خلال شعاع جاسكا الذي ينطلق من النيزك.. نيزك الجزيرة المهجورة!
اترك تعليقًا