“الثغرات” مصطلح يستريح إليه الجمهور كثيرًا عند وجود أشياء غامضة أو متضاربة في جريندايزر، صحيح توجد بعض الأخطاء الغير مقصودة في العمل والتي ظهرت في الرسم في عدد من الحلقات، وصحيح توجد بعض الثغرات في السيناريو كعدم تفسير نهاية بعض الأحداث، لكن ليس كل ما وصفه الجمهور بالثغرات قد ينطبق عليه هذا الوصف فعلًا.
الفيديو المرفق يوضح كيف عالج فريق عمل جريندايزر مسألة الماضي والذكريات على مدار العمل، وعلى عكس ما ينتظره الجمهور ويتوقعه من التعامل مع الذكريات كمصدر أكيد وثابت للمعلومات بل ومتطابق أيضًا – جاءت الذكريات في جريندايزر لتعكس دواخل الشخصيات وحالتها المزاجية أيضًا، وأضيف إليها شيئًا من العشوائية المقصودة والتي زادت العمل نجاحًا وجعلته أقرب للحياة الطبيعية التي لا يسير كل شيء فيها بإحكام تام.
الذكريات في جريندايزر كان يُعاد رسمها من جديد بزوايا وسيناريو مختلف يعكس نفسية من يتذكرها ويسترجعها، ولم يخرج عن ذلك سوى ذكريات دوق عن هجوم فليد، فقد تكررت كما هي لتأكيد بشاعتها وثبات شعوره بها رغم مرور السنين، وكذلك مشهد موت الدوق الذي حلم به في الحلقة 7 واسترجعه في المعركة مع جورمان ثم رأته هيكارو بخيالها في الحلقة 37 لتأكيد مدى ارتباطها بدايسكي نفسيًا وعاطفيًا وشعورها بمخاوفه الداخلية (المشهد (2) في الفيديو)، ما عدا ذلك أعيد رسمه من جديد باختلافات كبيرة، إذن الفريق كان يدرك ما لديه في مكتبته السابقة ولم يأت قرار إعادة الرسم أو التضارب محض خطأ.
(1)
ريات دايسكي عن جرحه في الحلقة 30 (حكاية الندبة الحمراء) وهو يواجه دكتور أمون وهيكارو تختلف عما تذكره هو بعد أن اشتد عليه الألم وهو داخل جريندايزر في نفس الحلقة، إلا أن الأولى اقتربت كثيرًا مما تذكره في الحلقة 32 (تمرد على الأم) حين التقى ماريان واشتد عليه الألم، واقتربت الثانية مما تذكره حين أصابته الشرارة الكهربائية في الحلقة 41 وأخذ يتألم من جرحه، ولكنها تختلف عن حلمه في الحلقة 71 (إلى اللقاء يا أعز صديق)، كيف يمكن تفسير ذلك؟
دايسكي أصيب بشعاع الميني فو أمام عيني موروس فعلًا حين هاجمت قوات فيجا كوكب فليد، ولكن شُفي جرحه بدرجة ما بعدها خلال أحداث الحرب، لكنه لم يشف تمامًا، وعند انفجار القنابل في لحظات هروب دوق من كوكب فليد (وهو بزيه العسكري) كان نقطة ضعف قوية في جسده وامتص كثيرًا من إشعاعات فيجاترون وتلوث بها، ثم التأم الجرح وهدأ بعد فترة وإن لم يشفَ تمامًا، لكنه التأم لدرجة أن نسيه دايسكي أو تناساه لسنوات، لهذا كان يحاول تذكر ما حدث حين سأله دكتور أمون، وبالطبع لن يكون من السهل أن يذكر بدقة ما حدث لأن الإصابة جاءت في خضم حرب مؤكد أصيب فيها بمختلف الإصابات الأخرى، وكان كلما اشتد عليه الألم تذكر هروبه من كوكب فليد في مشهد يغمره اللون الأحمر واللهيب والانفجارات كتعبير واضح عن شدة الألم الذي يعانيه، في الحلقة 71 اشتد ألم دايسكي خلال نومه وكان هذا كالمنبه الذي جعل عقله يستعيد ذكريات الإصابة الأولى بطريقة غير واعية، وبالتالي يوم أنقذ موروس، وكلها أحلام وتواردات لا أكثر، وهو مشابه لتوارد ذكرى روبينا حين ذكرت ماريا الزهور الفليدية، منبهات لا أكثر.
على الجهة الأخرى جاء تفسير موروس، وهو تفسير مقتصر على ما رآه فقط، ولحسن الحظ أن علاجه قد نجح، لكن لأي مدى لا أحد يعرف فعلًا، لكنه خفف آلام دايسكي وأنعش روحه كما ظهر في الحلقة 72 (مواطن من كوكب بعيد).
(3)
ذكريات دايسكي عن لقائه بماريان في الحلقة 32 تختلف عما تذكره ورواه لهيكارو في الحلقة 70، هذا الاختلاف شمل زوايا الرسم وارتداء دايسكي لخوذته من عدمها وطريقة تفاعله مع ماريان وكذلك اكتشافه لزيفها، هذا الاختلاف جاء لعدة أسباب: تشوش دايسكي نتيجة ألمه الشديد في الحلقة 70، اضطراب دايسكي العاطفي حين رآى ماريان والذي ظهر في عدم تذكره الدقيق لما حدث فعلًا، ظهور مشاعر دايسكي ورغبته الداخلية في أن تكون ماريان صادقة والتي ظهرت في يديه الممدودتين إليها في ذكرياته وخلعه لخوذته على عكس تحفظه والتزامه بخوذته وإمساكه بمسدسه بتحفز في الحلقة الأصلية.
(4)
حين تذكر جورور الصغير كلمات دايسكي له في الحلقة 45 (احرق أيها السلاح الثاقب) تذكرها على نحو مختلف تمامًا عما حدث في الواقع، فجورو تذكر دايسكي واقفًا بشموخ وهو يحدثه بلهجة المعلم أو الأب الروحي، في حين كان دايسكي جالسًا على ركبته في الواقع وهو يحدث جورو بلطف وهو في مستوى نظره، هذا الاختلاف جاء ليعكس شعور جورو الداخلي بدايسكي الذي هو بالنسبة له كما قال كوجي: “أنت بالنسبة لجورو أكثر من أخيه الأكبر، إنه يثق بك، إنه يحترمك”
(5)
في الحلقة 70 (إلى اللقاء يا ملك فليد) كانت ماريا مضطربة وهي تروي تفاصيل حلمها في الليلة الماضية، وكانت تروها بالكلمات فقط، وعندما ذكرها دايسكي في الحلقة ذاتها ذكرها بعبارات مختلفة نوعًا، جاءت تلك العبارات قصيرة ومركزة، كما ظهرت ماريا في ذاكرة دايسكي تقف وحدها وخلفها ألوان متداخلة ما بين الأحمر والأزرق، هذه الجمل المركزة والقصيرة تشبه شخصية دايسكي كثيرًا، وتعبر عن الطريقة التي سمع بها دايسكي كلمات ماريا، أما الألوان فتعبر عن شعوره بالقلق والاضطراب والتشويش مما ترويه ماريا.
(6)
في الحلقة 73 (إكرامًا لهذه الأرض الرائعة) منح دايسكي رمز العرش لماريا وأوصاها به، لكنها حين رأت كوجي وسألها عن القلادة أجابته باختصار وبعدم فهم حقيقي ووعي لقيمة ما منحها دايسكي إياه: “تلك القلادة دايسكي أعطاني إياها” ودهش كوجي لغرابة الموقف في حين لم تكترث هي كثيرًا، وحين ذكر كوجي ذلك الموقف وهو في سبيزر في نفس الحلقة وبعد أن رآها بمشهدين أو ثلاثة فقط ذكرها على نحو مختلف نوعًا، اختلفت ماريا قليلًا في ذكريات كوجي عن الواقع، كانت الخلفية وراءها وردية وكانت ماريا تقف ووراءها هالة جميلة من النور، وكأن هذه الذكرى بهذا الشكل تعبر عن الطريقة التي يرى بها كوجي ماريا، وهي طريقة أكثر نعومة وتركيزًا من الواقع الذي رأيناه على الشاشة.
المعضلة الأكبر هي ذكريات نايدا أو بمعنى أدق ما ظهر على الشاشة ونايدا تتهم دوق فليد بالخيانة وتذكر له وحش فيجا جيرو جيرو الذي بدا مشابهًا للوحش الذي دمره دوق على الأرض وكان يحمل اسم جول جول في الحلقة الأولى (كوجي كابوتو ودوق فليد)، وذكرت نايدا أن عقل أخيها سيليز كان بداخل هذا الوحش، وأن دايسكي قد دمر هذا الوحش، هذه المشاهد لم ترد في المسلسل لا في ذاكرة دوق ولا في ذاكرة غيره، وكانت أحداث الحرب وذكرياتها متطابقة دومًا حتى عندما رواها العجوز لماريا، وكانت أخبار نايدا متضاربة بشكل كبير، فالوحش لا يحمل اسم جيرو جيرو، وهو لم يُدمر وإنما أرسل للأرض، وبلاكي ذكر أنه تمكن من تصوير جريندايزر وهو يقاتله وهذا مكسب له، إذن جريندايزر لم يقاتل هذا الوحش على كوكب فليد فعلًا، وعلى الأغلب لو قاتله لهزمه بسهولة كما هزمه على الأرض، إذن كل ما جاء على الشاشة وقتها كان ما أوحى به فيجا الكبير لنايدا التي لم ترَ غير هذا الوحش فعلًا فأسقطت عليه روايتها، وعلى الأغلب هاجم جول جول كوكب فليد وجريندايزر غير جاهز بعد للقتال، أو أن هذا حدث ودايسكي رهن الاعتقال أو الأسر.
المعالجة في جريندايزر معقدة جدًا وقد برع فريق العمل فيها على نحو منقطع النظير برايي.
اترك تعليقًا