في مفارقة جديدة وغير متوقعة يجمع الحب الدافئ بين قلب الأمير القادم من كوكب بعيد وبين الفتاة ذات الجمال الأرضي الهادئ ابنة المزارع في قصة العمل الكرتوني الأشهر “مغامرات الفضاء”، وفي رد فعل غريب وغير متوقع أيضًا ينفر الجمهور من هذا الحب تارة ، وينكره تارة أخرى، ويبحثون عن أدلة قاطعة ومشاهد غرامية صريحة، ويتجادلون في مسميات الحب، ويحولون الأمر لصراع مدهش حقًا، برأيي قصة الحب جاءت بشكل مختلف عما عهده المشاهدون من المراهقين بشكل خاص، وعما يبحث عنه الناضجون أيضًا، والسبب بسيط جدًا وهو أن هذه القصة جاءت طبيعية واقعية، قصة حب حقيقية تحدث على أرض الواقع ولا يمثلها البطلان ولا يتكلفان فيها، جاءت بالمعنى الصادق للحب، الحب الذي يفيض من العيون لا من الشفتين، والذي يعبر فيه الطرفان بالأفعال الحقيقية لا بالرومانسية المصطنعة، الحب الذي تقل فيه نسبة المواقف الرومانسية المجردة وتزيد فيه مواقف الحب الحياتية التي نعايشها كل يوم وكل ساعة، دعوني إذن أذكر الأسباب والتفسيرات واحدًا تلو الآخر بوضوح أكبر.
تكون العمل من 74 حلقة ظهر البطلان فيها جنبًا إلى جنب في مواقف كثيرة: مرح، يأس، خوف، هدوء، توتر، استرخاء، مرض، كفاح، رعب، تضحية، الخ، وجرت هذه الأحداث على مدار 8 سنوات على الأقل، تتابعت فيها الفصول وتخللها فترات هدوء وفترات صراع، فترات عُرضت على الشاشة وأخرى بقيت في الظلام، وفي ضوء تلك الأحداث والسنوات الطويلة كون الاثنان علاقتهما معًا، تعرفا على بعضهما البعض، انجذب أحدهما للآخر، حاول أحدهما أن يقتحم الآخر، انفتحت قلوبهما، تشاركا المرح، ضحكا معًا، وحدا أهدافهما معًا، خاف كل واحد منهما على الآخر، آزر كل واحد منهما الآخر في ضعفه ومرضه، فهما دواخل بعضهما البعض، تشاركا في الحرب ليكونا في فريق واحد، قبل أحدهما أن ينقاد للآخر لتوحيد الصف، أثنيا على مظهر بعضهما البعض، كان لهما حلم مؤجل لم يتمكنا من تحقيقه، افترقا بصمت وألم وعبرات مكتومة، هذه قصة حب كاملة لا يمكن التعبير عنها بمشهد واحد أو كلمة واحدة، قصة حب يصعب اختصارها في كلمة “أحبك” أو في مشهد واحد، قصة حب أعمق من “قبلة” أو “عناق” قصة حب بُنيت على الثقة والدعم والمشاركة والحماية، قصة حب لم يسأل فيها أحدهما الآخر: “كيف تشعر نحوي؟” لأنه قد شعر بحب الآخر ولم يعد بحاجة ليسأل، ولكن لماذا لم تتوج قصة الحب بنهاية سعيدة؟ ولماذا لم يجد فيها المشاهدون ما يبحثون عنه من مشاهد غرامية؟ هذا هو السبب الثاني.
قصة الحب بين دايسكي وهيكارو ولدت في الحرب، وسط الدمار والخوف والألم والصراع، في ذلك الوقت تتغير كل تعبيرات الحب، في الحرب لا يخرج عاشقان للسهر، ولا يتبادلان القبلات الحارة، في الحرب يعبر المحبون عن حبهم بالخوف الحقيقي والرغبة القوية في الحماية والسعي الحثيث للحفاظ على حياة الآخر، في الحرب يعاني المحبون من شعور الفقد والألم، وعدم القدرة على تخطيط المستقبل، في الحرب يحلم المحبون بانتهاء الحرب على الأقل ليتمكنا من بدء حياة جديدة إما أن تجمعهما معًا أو يبقى فيها أحدهما وفيًا للآخر، في الحرب الحب مؤلم، والدعم والمساندة والحماية هم التعبير الحقيقي عن فوة المشاعر وعمقها، في الحرب من يمنحك القوة اللازمة لتنهض من جديد وتقف على قدميك، من يجعل الدم يتدفق في عروقك وأنت في أشد حالاتك، في الحرب من تخاف عليه بحق وترتاع من فكرة فقده – هذا هو من تحب حقًا!
ولكن متى انتهت الحرب في القصة؟ لقد انتهت فعلًا في الحلقة 74 والأخيرة، انتهت ورحل دايسكي تاركًا حبيبته على الأرض، مضحيًا بحلمه ومبقيًا على الحب حبيس قلبه وقلبها، رحل دايسكي لا لأجل امراة أخرى ولكن رحل لوطنه الذي عاد من الموت وأصبح كملك مطالبًا بالعودة إليه لإعادة بنائه ولم شتات شعبه الذي مزقته الحروب، متى علم دايسكي بعودة كوكبه ومتى قرر العودة؟ قبل انتهاء الحرب بفترة وجيزة جدًا، لم يبتسم القدر لدايسكي وهيكارو رغم الحب الكبير الذي جمع بينهما، لم تنتهِ قصتهما ببيت يجمعهما وليست تلك النهاية نفيًا لحقيقة الحب العميق الذي ظل باقيًا في قلبه وقلبها.
ويتساءل المشاهدون: لماذا لم يعبر دايسكي لهيكارو عن حبه ولم يودعها وداعًا حارًا؟ ولماذا لم يقل لها: “أحبك” ولو في لحظة الوداع؟ عد إلى شخصية دايسكي وهيكارو وستعرف السبب، فكل إنسان يعبر عن مشاعره بطرقه الخاصة، حتى في ماضي الدوق فليد لم يعبر لفتاة عن حبه بكلمة: “أحبك”، كان دايسكي قليل الكلام، كتومًا ومنطويًا خاصة بعد نزوله للأرض، شعر دايسكي أنه غريب على الأرض، ولكن هل كان غريبًا عن الكل فعلًا؟ ومتى تفتح دايسكي عاطفيًا وتطورت علاقته بهيكارو ؟ حدث كل ذلك في وقت مبكر في الحلقة الخامسة من المسلسل مع جملة عميقة قالها دكتور أمون لدايسكي: “طالما أن فيك شعلة الحب فستكون أكثر من والد وابنه من سكان الأرض”، بعد كلمة دكتور أمون ارتدى دايسكي الكيمونو لأول مرة ليكون واحدًا من المجموعة يوم رأس السنة، لعب مع هيكارو وضحك معها، رقص مع هيكارو بانسجام ومرح، استمد قوته من نداءات هيكارو أمام عينيه بعد أن عرفت حقيقته، رآها تستنجد به وتصدقه فنهض من سقطته وتدفق الدم في عروقه وكان يفكر في سلامتها قبل سلامة الجميع: “إذا تحطم السد فستموت هيكارو وكل الناس”، حياها بجريندايزر لأول مرة صباحًا وبدا مرتاحًا ومتفتحًا بعد معرفتها هي بما يخفيه وانتفاء حاجته للكذب عليها، وحين شاهد القائد وايتر يهاجم هيكارو متنكرًا تذكر والديه وموتهما غدرًا لأن الخطر الذي رآه اليوم يشبه ما رآه سابقًا، وجه الشبه كان مهاجمة شخص يهمه أمره، شخص أصبح نفسيًا من أسرته المقربة، وقذف بقلادته الملكية لحماية هيكارو وقفز من الشرفة مسرعًا إليها لينهضها ويطمئن على أنها بخير ولم يتركها فورًا للحاق بوايتر إلا بعد كلمتها له: “أنا بخير. الحق به”، ضغط على ذراعيها بحب وقلق في جزء من الثانية وهو ينهضها من شدة انفعاله وقلقه عليها، شعر بالدعم النفسي حين وقفت هيكارو بجانبه أعلى البرج تصرح بأن هدفهما أصبح واحدًا وأنها لن تسامح من يحاول الإفساد في الأرض، أومأ لها برأسه ونظر معها للشمس كقلبين متحدين معًا، عبر لنايدا عن جمال الأرض وختم وصفه لها بقوله: “والأهم محبة الناس” وقال لها بأنه متأكد من أن جراحها ستلتئم بعد فترة إذا أقامت هنا وأنها ستنعم بالسعادة والهناء كما كانت سابقًا، وكان يصف لها تجربته الخاصة، منح دايسكي دمه لهيكارو رغم جملة دكتور أمون القاسية: “ولكنك غريب عنا لا يجوز” لقد أصبحت هيكارو قريبة وربما الأقرب إليه وقتها، تفتح دايسكي بعدها أكثر وأكثر وأثنى على جمال هيكارو الداخلي، نظر لعينيها وأمسك كتفيها ليقول أجمل كلمة حب حقيقية في العمل: “هيكارو.. لا شيء يسعدني أكثر من قلبك الحار.. لا عليك.. لن أقتل لا تقلقي وانتظريني” رآى حقيقة قلبها وعبر عن سعادته بعاطفتها الجياشة، أخفى عليها خوفه من أنه قد لا يعود فعلًا وتمنى أن يعود لها “انتظريني”، دايسكي الذي ظهر بائسًا وحزينًا اعترف بسعادته مع هيكارو، ولم يقل ذلك لغيرها، خاف دايسكي على هيكارو خوف مُحب من الاشتراك في الحرب، حدَّث نفسه بتعبيرات واضحة وجلية: “لا أريدك أنتِ على الأقل أن تقاتلي.. الحرب ستزداد شراسة ولا أتحمل أن أراك تتورطين فيها.. يجب ألا تتورط هيكارو في الحرب أبدًا” لقد كان دايسكي يحمي هيكارو معنويًا ونفسيًا، وكان بقاؤها سالمة هدف بحد ذاته.
ومع تواتر الأحداث واضطراره لقبول اشتراكها في الحرب منحها وعدًا بالحماية أمام الجميع لم يمنحه لغيرها: “سأحمي حياتك يا هيكارو” لماذا؟ هذا الوعد كان كلمة حب علنية أطلقت أمام الجميع، كما كان دمه لها رسالة حب علنية أمام الجميع أيضًا، حمى دايسكي هيكارو من ملاحظات كوجي القاسية في التدريب حماية حبيب، وحماها من كلمات ماريا المتعالية، وكان دائم الانشغال بها، وماريا التي قدِمت حديثًا استطاعت أن تلحظ هذا، بل واستاءت منه: “ألا تفكر بأحدٍ سوى هيكارو” من ينشغل بغيره لهذا القدر يكون محبًا حقيقيًا، خاصة إن كان هذا الانشغال في ظروف الحرب الدامية.
وعلى الرغم من كل ذلك فقد ظهرت لقطات رومانسية حقيقية بين دايسكي وهيكارو، ولكن الجمهور الذي يبحث عن شيء محدد فقط لم يستطع أن يرها بوضوح، مشهد الكهف الشهير الذي يخشى الجمهور مناقشته كان دليلًا قاطعًا على الحب المتبادل بين دايسكي وهيكارو، الأجواء الرومانسية التي غمرت الحلقة 23 حين عرفت هيكارو بحقيقة دايسكي من موسيقى ولقطات وتعبيرات صريحة للحب والخوف والقلق، اصطحاب دايسكي الدائم لهيكارو معه في دراجته النارية هو دليل حب قوي خاصة وأن هيكارو ظهرت في القصة تقود دراجة دايسكي، فاصطحابه لها لم يكن لعجزها عن قيادة الدراجة مثلًا وإنما لكونهما مرتبطان ببعضهما البعض حقًا، انحناء دايسكي لهيكارو بحب لتعيد إليه قلادته وتضعها بنفسها حول عنقه وخجله في اللقطة التالية كان مشهدًا رومانسيًا ولم يظهر دايسكي في مشهد حميمي بهذا الحد مع غيرها، حمل دايسكي لهيكارو الفاقدة الوعي على ذراعيه على راحة جريندايزر ونظراته الدافئة لها وهو يشكرها على دفاعها عنه ويطلب منها وعدًا بعدم تكرار التجربة خوفًا عليها وتهدج صوتها في نهاية المشهد مع اختفائهما معًا علامة واضحة على قبلة حارة خارج الكادر، احتضان دايسكي لهيكارو حين اندفع وحده لانقاذها من وحش فيجا وتطويقه لظهرها وخصرها كان تعبيرًا واضحًا عن الحب والخوف عليها، هذا العناق الذي جاء وسط الحرب والخطر كان علامة قوية على عمق وقوة الرابطة العاطفية بينهما، دايسكي حينها لم يوكل أمر حماية هيكارو لغيره، وهي كانت تحدث نفسها بثقة: “أسرع لنجدتي يا دايسكي” وجاء فعلًا بنفسه واحتواها بين ذراعيه في استجابة واضحة لمشاعرها وخوفها رغم تعبيره عن الخوف من هذا العدو بالتحديد للدكتور أمون: “أسلحة جريندايزر عاجزة أمام ذلك الوحش.. إنه وحش لا مثيل له” على الرغم من ذلك اندفع دايسكي خارج جريندايزر لاستعادة هيكارو التي حملها الوحش لأعلى برج طوكيو، نظرات دايسكي لهيكارو وتنهداته في الحلقة 72 وتحاشيه لعينيها كونها نقطة ضعفه، ووداعه لها في الحلقة 73 حين قرر التضحية بنفسه كلها علامات واضحة للحب العميق بينهما.
أضف إلى ذلك ما عُرف عن ظروف إنتاج العمل وتدخلات شركة الإنتاج بشكل سافر لإرضاء الجمهور والتي حجمت ظهور هيكارو كثيرًا، مما دفع جو ناجاي وفريق العمل لتحدي كل تلك الضغوطات وإكمال القصة الدرامية والعاطفية في الظلال نوعًا ما دون التضحية بها، بل وإدراج الشواهد والأدلة القوية على هذه القصة فور ظهور ماريا، جملة ماريا في ثاني حلقات ظهورها: “ألا تفكر بأحد سوى هيكارو؟!” عودة جريندايزر ملتحمًا بالسلاح الملاحي وسط المجموعة في ثالث ظهور لماريا ونزول هيكارو للبحر لإنقاذ دايسكي والخروج به وبقاؤه ملتحمًا بها نظرًا لإجهاده ولكي تتولى هي مهمة إعادة جريندايزر لقاعدته، الإسقاط الواضح في ثنائية ظهور جولي الكبير واعادة استخدام المشهد الختامي في فيلم King Kong مع تطوير الأحداث بحيث ينقذ البطل البطلة ولا يصل متأخرًا كالفيلم الذي قام فيه الجيش بدور البطولة وأسقط الغوريلا الضخمة من أعلى البرج، وكان في إعادة استخدام المشهد دليل واضح على حب دايسكي وهيكارو خاصة مع العناق الذي ظهر في المشهد في خضم الأحداث ورغم دقة الموقف وصعوبته إلا أن مشاعر الاثنين كانت أقوى من الظروف، استخدام دايسكي للطاقة الكاملة لأول وآخر مرة في حركة انتحارية قد تودي بحياته حين سمع اختناقات هيكارو وقرر أن يتخذ قراره بالموت معها أو النجاة معها، شعور دايسكي القوي بهيكارو وقلقها على والدها والذي جعله يمنحها حجة مقنعة أمام الفريق لتنفصل عنهم وتبحث عن والدها المفقود وسط الثلوج رغم تماسكها وتصريحها بأنها ستكمل مشوارها معهم ومن ثم شكرها له بداخلها، قرب دايسكي وهيكارو في أشد المرات التي أصيب فيها دايسكي وتماسكه أمام كوجي وماريا والدكتور أمون وتصريحه بألمه أمامها وهي تطوق ذراعيه، شرود دايسكي بعد شفاؤه من إصابته وتأمله للنمل الذي يسير في صف واحد وهو باسم الوجه وكأنه يفكر بمستقبله على الأرض ويخطط له لولا ظهور روبينا ووصول أخبار كوكب فليد وهو ما زاد من أزمته النفسية وكان سببًا قويًا لنظرته الجانبية الطويلة لهيكارو وتحاشيه النظر لعينيها كونها نقطة ضعفة والأقدر على كشف ما يخفيه بداخله.
لن أتحدث عن حب هيكارو لدايسكي لأن حبها كان جليًا جدًا، وكانت شخصية هيكارو على خلاف شخصية دايسكي واضحة ومتفتحة وصريحة، وواقعيًا يصعب أن تنجذب شخصية دايسكي بتحفظها لفتاة كتومة مثله، وإنما كان لطبيعة هيكارو وتفتحها وصراحتها دورًا كبيرًا في تطمين دايسكي وتطوير مشاعره معها، تعبير هيكارو حين عرفت بحقيقة دايسكي وأنه رجل من كوكب آخر كانت رائعة: “أحب دايسكي أمون كثيرًا.. يكفي أن أناديك دايسكي” كانت إشارة حب وتطمين وقبول هو في أشد الحاجة إليها، وبعد كلمة هيكارو تغير دايسكي كثيرًا، ولكن المحزن في الأمر أن الكثير من المشاهدين رأوا هيكارو على أنها فتاة دون الدوق فليد وأنها لا تستحق هذا الدور البطولي بجانبه، واستساغوا حب دوق فليد لنايدا – الفتاة الفليدية التي تنتمي لأسرة نبيلة والتي كانت صديقة الطفولة وحب المراهقة – أو لروبينا ابنة فيجا الكبير – رمز الشر في القصة – وبطلة قصة الزواج السياسي، برأيي هي عقدة الخواجة – ولكن الخواجة هنا ليس من بلد آخر وإنما من كوكب آخر، ناهيك أنهم وقعوا فريسة الجمال المبهر لنايدا وروبينا والذي خُدع به دوق في شبابه فقط، وعلى الرغم من تطور شخصية دوق ونضجه ورؤيته لجمال هيكارو الداخلي فإن الجمهور نفسه لم يصل لهذا النضج، ودعوني أقولها صراحة: حين رُسمت روبينا باهرة الجمال فبرأيي هذه ليست صدفة وإنما لقيمة درامية مهمة، روبينا كانت باهرة الجمال حقًا وهذا ما جعل فيجا يقبل دعوة ملك فليد لها للإقامة على كوكبه، رآى فيجا أن جمال ابنته قادر على تشتيت دوق فليد فعلًا وبالتالي إلهاء ملك فليد متظاهرًا بقبول نيه الملك فليد بتزويج ابنته لدوق فليد لترسيخ السلام، ولكن ولسوء حظه وقعت ابنته هو في حب دوق فليد وهو ما عبر عنه فيجا باستياء وتأزم أيضًا، لقد وقع في الفخ دون أن يدري، وبالفعل كان جمال روبينا كافيًا ليجعلها قريبة من دوق الشاب العشريني الحالم الذي اصطحبها في القارب وهو يعزف على قيثارته، لكن هذا الجمال لم يكن كافيًا وقتها ليقنعه بالزواج منها، فرد عليها بكلمة: “لا مستحيل” حين أخبرته بأن والدها يرغب بتزويجها منه، وحين تأزم في إصلاح موقفه بعد هذا الرد التلقائي الذي جرح مشاعرها شبهها بالوردة الجميلة التي رآها بالقرب منه، لازال السيناريو يركز على جمال روبينا بشكل واضح، وحين التقت روبينا الدوق بعد 8 سنوات خلعت خوذتها – رغم أنها لا تخفي شيئًا من ملامحها – وأطلقت شعرها الطويل وهي تركض نحوه لكنه كان واقفًا كالتمثال، لماذا خلعت روبينا خوذتها بهذا الشكل؟ برأيي لأنها تعرف يقينًا بأنها جميلة، وأن دوق يراها جميلة، لهذا استخدمت هذا السلاح الأنثوي ولو بدون قصد، لكن هل كان له نفس الأثر على الدوق؟ إجابتي الخاصة والصريحة هي: لا، دليل آخر على عدم انبهار دوق بالجمال الظاهر هو عدم إطرائه على جمال كاوري عكس دانبي وكوجي وبانتا وحتى جورو، فقط دايسكي ودكتور أمون لم يلتفتا لجمالها ولو من قبيل المجاملة.
عودة لهيكارو التي ظلمها الجمهور دون وجه حق، أحبت دايسكي وأحبها هو أيضًا، ولم تسأله عن شعوره ولا هو فعل، في المقابل تظهر ماريا في مواقف عديدة وهي تركض لاهثة وراء كوجي دون أن يقاضيها الجمهور ورغم توبيخ دايسكي نفسه لها أكثر من مرة، تظهر روبينا وهي تحرج الأمير بسؤالها الصريح: “كيف تشعر نحوي؟” ولم يوبخها الجمهور على توريطها له عاطفيًا بهذا الأسلوب الفج، نايدا حب الطفولة والمراهقة تصرح لدايسكي بحبها له: “أحببتك حتى ذلك الوقت لكن كل شيء انتهى” وهو لا يرد على تصريحها بشيء ورغم ذلك لم يوبخها الجمهور على صراحتها ولم ينتبه لسكوته وعدم رده عليها، نايدا تتحدى حب هيكارو بوضوح: “تحبين دوق أليس كذلك؟ اعتقد ذلك..أحب دوق أيضًا من المحتمل أكثر منك” تحدٍ غير أخلاقي لفتاة كل ما فعلته هي أن أحبت دايسكي ومنحته من عواطفها وحنانها ووجد هو سعادته معها، ورغم ذلك رآى الجمهور نايدا ضحية ورأووا أن حب هيكارو كان سببًا ليأسها وانتحارها وحملوها مسؤوليته.
نهاية الفتيات الثلاث تعطيك روية مختلفة عن قصة حب دايسكي وهيكارو ومدى نضجها ورقيها، نايدا تنسف نفسها أمام عيني دوق رغم ترجيه لها ألا تفعل، وتظن أن هدف الدوق هو الثأر لكوكب فليد لا حماية الأرض التي أصبحت بالنسبة له موطنًا جديدًا يسعى لحمايته وفدائه بحياته، روبينا تحتضر وتطلب من دوق أن يعود لفليد ويسمي أول وردة تزهر باسمها ليذكرها وتعود إليه كل ربيع، روبينا تمنت ارتباط الربيع في مستقبل الدوق بذكرى فقدها في أنانية مطلقة، هيكارو ودعت دايسكي بتماسك وهتفت باسمه بلوعة دون أن تطلب شيئًا، تماسكت لتمده بالقوة ولتشجعه على القيام بواجبه مضحية بحبها وحابسه لآلامها الكبيرة في قلبها، فأي فتاة منهن كانت أقوى وأنضج وأصدق في حبها؟
هيكارو التي رآى دايسكي مواطن جمالها كانت ضحية جمهور المشاهدين الذين لم يفهموا شخصية دوق فليد وتطورها ودواخلها ولم ينظروا بعينيه وإنما بأعينهم هم فقط، قصة حب دايسكي وهيكارو هي قصة حب للناضجين فقط، لمن عايشوا الحب الحقيقي وخبروه عن قرب، لمن يعرفون أن الحب أفعال لا أقوال، وأن الحب حماية وأمان وتفهم وتعاطف، ويعرفون أن السعداء فقط هم من تنتهي قصة حبهم الحقيقي بالزواج وهم قليلون في هذه الحياة.
اترك تعليقًا