مذكرات هيكارو السرية – أحببتها ولكن..!

مذكرات هيكارو السرية – أحببتها ولكن..!

الحلقة الخامسة والعشرون – أحببتها ولكن..!

مذكرات هيكارو السرية – أحببتها ولكن..!

في الأسابيع الماضية فتح دايسكي قلبه لي على غير العادة، كنا نتنزه كثيرًا، ونتحدث لساعات، وكنت سعيدة بهذه النزهات التي تمنحني الكثير من المشاعر الحلوة، وكنت أكثر سعادة بانفتاح دايسكي وتبسمه، كان يتمدد على العشب الأخضر بقربي ويغمض عينيه بسلام لم أعهده فيه قبلًا، أخبرني أنه يحب الأرض كثيرًا، يحب زهورها ورائحة أعشابها، دايسكي أمير حقيقي بأخلاقه وطباعه الهادئه، نظراته الحالمة ترفعني عاليًا فوق السحاب، ينظر لي بعينيه العميقتين فأشعر أني أذوب حقًا، ويخيل إلي أنه سيرى ما أكنه له بقلبي فأشعر بخجل لذيذ! نغمات قيثارته في ليالينا المقمرة تشعرني بأني أميرة لا فتاة عادية، بضع دقائق نقضيها معًا كفيلة بأن تنسيني أعباء أيام لا يومًا واحدًا!

لكني لاحظت شيئًا غريبًا! لاحظت أن دايسكي لا يتذكر الكثير عن كوكب فليد؛ أو أنه لا يتذكر سوى الأحداث المؤلمة التي انتهت بها حياته هناك، لذا حاولت أن أساعده على تذكر ماضيه السعيد، كنت أرغب بمنح دايسكي مشاعر حلوة كتلك التي يهديني إياها ولو دون قصد منه، لكن لم يكن الأمر سهلًا! في البداية كنا كلما تحدثنا عن فليد توترت ملامح دايسكي وانقبضت بشكل غريب، كان يسترجع مشاهد الحرب والدمار على نحو مؤلم، ينتفض فجأة وينعقد حاجباه، رأيت التماع الدموع بعينيه أكثر من مرة فشعرت بالألم والحزن لأجله، زادني ألمي إصرارًا على مساندته.

شيئًا فشيئًا استطاع دايسكي أن يتجاوز هذه الأحداث المؤلمة ليعود لما قبلها، أخيرًا تمكنا من الحديث عن أيام طفولته وشبابه، حكى لي عن أسرته والده ووالدته، وحكى لي عن شقيقته الصغيرة ماريا، كانت ماريا تصغر دايسكي كثيرًا لهذا لم تكن هناك روابط قوية بينه وبينها، كانت طفلة بينما هو شاب ناضج.

وصف لي دايسكي جمال الطبيعة على كوكب فليد وحدثني عن أصدقائه، حدثني عن موروس، موروس هو أمير نجم مورو وهو الصديق الأقرب لدايسكي، عاش دايسكي في كوكب مورو عدة شهور وكذلك عاش موروس على كوكب فليد لفترة، كان الاثنان طلاب تبادل ثقافي واشتركا معًا في الكثير من الأنشطة العلمية والرياضية أيضًا.

افترق دايسكي عن موروس حين انقضت قوات فيجا دون سابق إنذار، وكان موروس وقتها على فليد، ولم يعرف دايسكي شيئًا عنه من ذلك الحين، آخر ما يذكره عنه هو إرشاده إلى عربة الإنقاذ ومطالبته له بمغادرة فليد فورًا.

حكى لي كذلك عن نايدا، كانت نايدا مقاربة لدايسكي في العمر، فتاة جميلة كما وصفها دايسكي، كان يتحدث عنها وعيناه تلمعان فعرفت أنه قد حمل لها فيما مضى مشاعر حلوة، الغريب أنني أحببت التماع عيني دايسكي وهو يذكرها ولم تثر مشاعري، كنت سعيدة بسعادته وبذكرياته التي تنعش روحه، لهذا أحببت نايدا دون أن أراها، عرفت أنها كانت قريبة جدًا لدايسكي، وأنها شاركته الكثير من ذكريات طفولته وشبابه، بفضول فتاة سألته إن كان قد أحبها؟ فأطرق برأسه وأومأ لي بالنفي، لم أقتنع كثيرًا بإجابته فسألته لماذا؟ هنا عرفت الكثير من الأسرار عن دايسكي!

عرفت في ذلك اليوم اسم الأميرة روبينا ابنة فيجا الكبير، لم أفكر يومًا فيما إذا كان لفيجا الكبير أبناء من قبل، لكني عرفت اليوم أنه له ابنة وحيدة، وأنها جميلة جدًا، حين وصفها لي دايسكي قال عنها أنها جميلة، ولكن روحه لم تنتشِ لذكرها فقدرت أن في الأمر سرًا، عرفت أن دايسكي كاد أن يتزوج تلك الأميرة فعلًا، وأن والده أراد إحلال السلام وضمان عدم مهاجمة فيجا الكبير لكوكب فليد بإتمام هذا الزواج، سألته إن كان قد أحب الأميرة روبينا أم لا؟ لكنه قال لي أنه قد وثق بها، وأنه كان أميرًا وبعض الأمور لابد منها، أخبرني حدسي أن دايسكي ربما لا زال يكن لنايدا مشاعر أجمل من روبينا، وأنه ربما وأد حبًا لأجل الواجب في تلك الفترة، شعرت بالحزن وقتها، وبدأت أتساءل عن تلك الجميلة نايدا التي خلبت لب دايسكي فيما مضى!

عدت أتساءل عن السبب الذي أدى لاندلاع الحرب رغم هذه الزيجة التي تهدف للسلام، فأجابني بغموض، قال أنه لا يعرف السبب الذي دفع بالأميرة روبينا لمغادرة فليد حينها، وأنه بعد رحيلها بفترة قصيرة هاجمت قوات فيجا كوكب فليد بشراسة، بدا دايسكي حزينًا ومحبطًا وهو يجيب على سؤالي كمن شعر بارتكابه إثمًا، لكني لم أفهم ما يعنيه ذلك للأسف، ولم أشأ سؤاله حتى لا أنكا المزيد من جراح الماضي.

لشدة دهشتي وذهولي أن رأيت نايدا اليوم، فكرت  كثيرًا بالفتاة الفليدية الجميلة، حاولت أن أتخيل ملامحها، لكني رأيتها بعيني!

منذ عدة أيام، وبينما نحن في الإسطبل صباحًا حدثت هزة أرضية مفاجئة، وسمعنا أبي يهتف بأن شيئًا ناريًا قد سقط على الغابة العذراء، رأينا كوجي يندفع بسرعة بالجيب، عَبَر بوابة المزرعة متجهًا نحو التيفو، وكذلك قفز دايسكي إلى دراجته وأسرع نحو الغابات، لكن كلاهما لم يعد باكرًا ذلك اليوم.

 

عرفت مساءً أن دايسكي قد رآى أحدهم يحاول الفرار، وكان هناك بضعة جنود مسلحون من فيجا يطاردونه، استطاع دايسكي وكوجي القضاء على الجنود لكن هذا الشخص الذي كان يركض هاربًا قد اختفى عن الأنظار، وفي لحظة خرج كالشبح من وراء الجبل.

لم تمض  لحظات حتى استطاع دايسكي أن يرى ملامحه، لقد كانت نايدا هي الشبح الذي توارى خلف الجبل بعد أن تمكنت من الفرار من جنود فيجا، كان دايسكي سعيدًا بنجاة نايدا كما لم يسعد من قبل، أستطيع أن أتصور ذلك وأن أتفهمه، أنا أيضًا سررت بنجاتها، فلقد كنت أظن مثل ظن دايسكي بأنها قد قُتلت فعلًا في الحرب، وكنت سعيدة أكثر لقدومها في ذلك الوقت بالذات، فمنذ أيام بدا وكأن دايسكي يعاني من جديد، تهاجم نوبات الاكتئاب الفجائية دايسكي من وقت لآخر، وفي كل مرة أعمل جاهدة على مساعدته للخروج منها بسلام، في هذه المرة قدرت أن نجاة نايدا ولقاءه بها قد يحسن الأمر، لهذا ابتهجت بقدومها، عرفت من دايسكي أن نايدا قد عانت كثيرًا وأنها قد تغيرت عن ذي قبل، قال أنه رآى بعينيها مشاعر لم يفهمها، وأنها أخبرته بموت أخيها الأصغر، وأنها كانت أسيرة لدى قوات فيجا وأنها كانت تعاني كثيرًا خلال السنوات الماضية، مسكينة نايدا هي أيضًا تعيش الآن حياة صعبة!

لم نستطع فهم السبب الذي أدى لظهور نايدا على الأرض في ذلك الوقت، ولماذا الأرض بالذات؟ لكننا كنا سعداء بنجاتها، قررنا أن تبقى نايدا في مركز الأبحاث بعيدة عن مزرعة البتول الأبيض لبعض الوقت، فقد رآى دايسكي أنها غير جاهزة بعد للاندماج مع الآخرين، وقررت أنا أن أترك لدايسكي حرية أكبر في البقاء معها، تمنيت أن يساعد كلًا منهما الآخر لتجاوز المحنة، توقعت أن تبقى نايدا معنا وأن تصبح واحدة منا كدايسكي، ولم تثر الفكرة استيائي على الإطلاق، دايسكي أيضًا بحاجة إلى أهل وأصدقاء من ماضيه ولن أجد أفضل من نايدا لتكون كذلك.

خلال تلك الأيام التي قضتها نايدا في مركز الأبحاث كان دايسكي سعيدًا بحق، كان يصطحب نايدا لأماكن كثيرة، أعرت نايدا العديد من ثيابي دون أن أراها، وأعرتها نزهاتي مع دايسكي كذلك، لكن هذه الأيام لم تدم!

ليلة أمس، استيقظت على رنين الهاتف، كان دكتور أمون يطلب مني الحضور فورًا لمركز الأبحاث، كانت الساعة هي الرابعة صباحًا لهذا أصابني الفزع، ارتديت ثيابي على عجل وأسرعت إلى هناك، كان دكتور أمون في مكتبه، استقبلني هناك وطلب مني مرافقته إلى حيث غرفة المراقبة، أضاء الشاشة وأخذ يسترجع شريط المراقبة الليلية، كنت أعرف أن مناوبة الليلة هي لدايسكي لهذا دُهشت لغيابه، لم أسأل دكتور أمون وإنما ركزت انتباهي على الشاشة، رأيت جريندايزر رابضًا على قاعدته كالمعتاد، ثم رأيت أحدهم يقترب منه، يا إلهي! إنها نايدا!

ظهر دايسكي فجأة وهو يقفز من الأعلى، اصطدم بنايدا وسقطا على الأرض، وبدا أنهما يتشاجران على نحو ما، انتزع شيئًا من يدها ووقف الاثنان مواجهين لبعضهما البعض يتحدثان.

رأيت نايدا تسقط على ركبتيها وتمسك رأسها بانهيار، ثم بدا أن شيئًا قد سقط من يد دايسكي، وظهر اهتزاز انفجار عنيف، يا إلهي لقد كان دايسكي ممسكًا بقنبلة!

ولكن وعلى الرغم من الانفجار لم يتحرك أيًا منهما حتى  انتفضت نايدا واقفة في مواجهة دايسكي، بينما بقي هو ساكنًا تمامًا، رأيتها تمسك قضيبًا معدنيًا كبيرًا و..

نايدا انهالت بالقضيب على رأس دايسكي حتى سقط أرضًا! في تلك اللحظة لم أستطع متابعة الشاشة، وضعت يدي على قلبي برعب، تذكرت فجأة كاوري وهي تطلق النار على دايسكي فغمرني شعور سيء، وهتفت بالدكتور أمون أساله عن دايسكي:

أين دايسكي الآن؟ ما الذي أصابه؟ أهو بخير؟

أطفأ دكتور أمون الشاشة كأنما شعر بقلبي الذي انفطر حينها، أجابني بحنان أبوي:

لقد وصلنا في ذلك الوقت – كوجي وأنا – واستطعنا السيطرة على نايدا باستخدام مسدس الصدمة، ونقلنا الاثنين للمركز الطبي هيكارو.

كنت قلقة ومنزعجة بشدة فكررت سؤالي:

كيف هو دايسكي؟

وضع دكتور أمون كفه على كتفي وهو يجيبني:

إصابته ليست خطيرة اطمئني! أما نايدا فقد وجدنا شيئًا معدنيًا غُرس بعقلها، لهذا سنجري لها عملية عاجلة لانتزاعه وربما تعود الفتاة لطبيعتها.

عدت أسأله بإلحاح:

أين دايسكي الآن؟

كان حدسي يخبرني بأن دايسكي ليس على ما يرام أبدًا، ولم أكن قادرة على مقاومته، تنهد دكتور أمون وأجابني:

هذا ما استدعيتك لأجله.

كاد قلبي أن يتوقف عن النبض، سمعت دكتور أمور يستدرك حديثه:

إنه يعاني من صدمة نفسية ولا نعرف سببها بعد! كما أن شريط الكاميرا يظهر شيئًا مريبًا قد حدث بين الاثنين.

هل يمكنك تكبير الصورة على الشاشة؟

أجل! ولكن لماذا؟

قد أستطيع قراءة حركة الشفاة دكتور أمون، ربما نفهم شيئًا!

هذا حسن.

أعاد دكتور أمون الشريط لبدايته وحاول تقريب صورة نايدا قدر الإمكان، وحاولت أنا التركيز بكل طاقتي، كانت الصور غير واضحة وبالكاد كنت أرى ملامح نايدا كان خوفي وقلقي على دايسكي ورغبتي في مساعدته تمدني بالقوة والطاقة والتركيز الذي أحتاج إليه، دققت أكثر و.

يا إلهي هذا مريع!

ماذا حدث؟

نايدا تتهم دوق بالخيانة!

فظيع!

التفت للدكتور أمون وعدت أسأله باستجداء:

أين دايسكي الآن؟

***

اصطحبني دكتور أمون إلى غرفة دايسكي، فتح الباب فرأيته جالسًا على طرف فراشه، كان صامتًا تمامًا، لم يبدُ عليه أنه شعر بقدومنا إطلاقًا، لقد ظل ثابتًا في

مكانه ولم يحرك ساكنًا، كان يستند بمرفقيه إلى ركبتيه ويمسك رأسه بكفيه كأنما يعتصره من الألم، اقتربت منه وجلست على ركبتي أمامه ليكون وجهي مواجهًا له، مددت يدي أمسك كفيه وأحاول إبعادهما عن رأسه وناديته:

دايسكي!

لم يبدُ عليه أنه يسمعني أو يراني، التفتُ للدكتور أمون وهو يحدثني:

هو على هذه الحال منذ ساعة!

عدت أنظر إليه:

دايسكي.. أجبني دايسكي!

تمتم دون أن ينظر إلي:

خائن.. إنني خائن!

كان يقولها برتابة غريبة كمن يفتقد فعليًا للشعور، انفطر قلبي ووجدت نفسي أجيبه:

لا دايسكي.. لست خائنًا أبدًا!

ظل يكرر هذه الكلمة كثيرًا، وبقيت أنا أحاول طمأنته بطرق مختلفة، غادر دكتور أمون الغرفة وهو يتمنى أن أنجح في مساعدته، بقيت إلى جواره لساعتين كاملتين، كان دايسكي يكرر نفس الكلمة كأنه لا يسمع ما أقول، ثم ازداد الأمر سوءًا، بدا أن دايسكي ينهار فعلًا وبدأ يتألم ويصرخ بصوت عالٍ، كانت عيناه متسعتان بفزع كمن يشاهد كوابيسًا مرعبة، يا إلهي! ماذا فعلتِ نايدا بدايسكي؟

قرر الدكتور أمون أن ينقل دايسكي لغرفة أخرى أكثر أمنًا ومزودة بكاميرات مراقبة لضمان سلامته، وبقيت أنا أتردد عليه طوال اليوم، لم يتحسن دايسكي خلال النصف الأول من النهار ورفض أن يتناول الطعام أو الشراب وكان يائسًا لدرجة مميتة، كنت أطمئن عليه ثم أذهب إلى غرفة نايدا أنتظر إفاقتها بعد خضوعها للعملية، أخيرًا استعادت نايدا وعيها.

كان أول ما نطقت به نايدا هو اسم دوق، عندما رأتني لم تعرفني بالطبع، فأنا لم ألتقِ بنايدا قبل ذلك اليوم لكني عرَّفتُها بنفسي وقتها وقلت لها أني صديقة دوق، فأخذت تسال عنه بإلحاح، تدخَّل كوجي حينها وأجابها بأن دوق تحت العلاج بسبب الجرح الذي سببته له، فبدا أن الفتاة مذهولة وأخذت تسأل:

أنا آذيته هل آذيت دوق؟

سألتها بهدوء إن كانت تذكر ما حدث ليلة أمس فأجابتني بالنفي، لهذا اضطررت لإخبارها بما حدث وبأنها قد حاولت تفجير جريندايزر وأنها نعتت دوق فليد بالخيانة، بدا الذهول على ملامحها فحاول الدكتور أمون أن يطمئنها، أخبرها أن جرح دايسكي ليس خطيرًا وأنه ليس بحالة صحية سيئة غير أن حالته النفسية ليست على ما يرام.

طلبت نايدا أن ترى دايسكي فاصطحبتها إلى غرفته، كان ألم دايسكي يزداد كل ساعة، وكان قلبي يتمزق أكثر فأكثر لرؤيته على هذه الحالة وعجزي عن مساعدته.

وقفت نايدا تتأمل دايسكي ولم تطلب الاقتراب منه أو تحاول محادثته والتخفيف عنه، في ذلك الوقت كنت أرقب دايسكي ودمعت عيناي رغمًا عني، وفوجئت بما قالته لي نايدا في ذلك اليوم ولم أستطع نسيان كلماتها:

تحبين دوق أليس كذلك؟ أعتقد ذلك، أحب دوق أيضًا، من المحتمل أكثر منك!

التفت إليها مندهشة فأومأت لي برأسها وأسرعت بمغادرة المكان، في تلك اللحظة ارتج مركز الأبحاث على نحو عنيف، وسقطت أنا أرضًا، قدرت أن هناك من يشن هجومًا علينا، ركضت نحو غرفة المراقبة وهناك عرفت بأن صحونًا من فيجا تهاجمنا، كان كوجي مستاءً بشدة ورأيته يضم قبضته ويهتف: “إذن سأركب جريندايزر” يا إلهي انتبه كوجي!

ركضت خلف كوجي لأحذره من الاقتراب من جريندايزر، وصلت إليه فوجدته على الأرض، كان يهتف منزعجًا:

اللعنة إنه يهددني حالما أقترب.

أخبرته أنه لا يوجد غير دايسكي يمكنه الاقتراب منه، فهتف منزعجًا: “وبعد؟” كان كوجي غاضبًا جدًا، ركض باتجاه غرفة دايسكي فتبعته وأنا قلقه، اقتحم الغرفة وجذب دايسكي من ملابسه وأخذ يهزه بعنف يحاول إعادته لوعيه، رأيته يصفعه بقوة، لم أحتمل ما يحدث، حاولت إبعاد كوجي عن دايسكي لكنه أزاحني بفظاظة وهو يطلب مني أن أدعه وشأنه، رأيت دكتور أمون يدخل الغرفة فبكيت بين ذراعيه، أوقف دكتور أمون كوجي بقوله:

لا فائدة من هذا دعنا نعطه صدمة كهربائية!

أفلت كوجي دايسكي من بين يديه فسقط أرضًا وهو يردد: “خائن إنني خائن” آه، قلبي لا يتحمل هذا الألم!

كان اقتراح دكتور أمون صائبًا، لقد ساعدت الصدمة الكهربائية دايسكي كثيرًا، رأيته يرفع رأسه وينظر بقوة كعهدي به، تنفست الصعداء واندفعنا نحوه –  كوجي وأنا – ونحن نهتف باسمه، لكن دايسكي كان يسأل عن نايدا، وأصر على اللحاق بها بجريندايزر رغم معارضة دكتور أمون لذلك.

انتبهت في تلك اللحظة لتوقف القصف الجوي على المركز بعد مغادرة نايدا، ما الذي قد يعنيه ذلك يا ترى؟ هل كانت نايدا هنا لمهمة خاصة أو ما شابه؟ ولماذا عاملت دايسكي بهذه القسوة رغم حبها له؟ لا أعرف، كل ما أعرفه أننا اندفعنا صوب غرفة المراقبة في ذلك اليوم، رأينا جريندايزر ينطلق، ورأينا صحون الميني فو وصحن يوفو كبير يتوسطها يندفعون جميعًا نحونا، ثم ظهرت نايدا في مواجهتهم، اندفعت نايدا بصحنها صوب ذلك الجيش الصغير بشجاعة و.. وانفجر صحنها مرتطمًا بهم جميعًا، وحدث انفجار هائل.. هائل جدًا.

خيم الصمت الثقيل علينا جميعًا، وبقينا ننتظر ما ستسفر عنه الأحداث، بعدها بوقت قصير عاد جريندايزر إلى قاعدته، أما دايسكي فلم يعد، انتظرنا لعشر دقائق كاملة لكنه لم يعد، اندفعت خارج غرفة المراقبة دون أن أقول شيئًا، قررت أن أبحث عنه، لابد أن أجد دايسكي الآن، لا يمكن أن أتخلى عنه في تلك اللحظات الحرجة، مؤكد أنه يعاني بشدة وأنه ليس على ما يرام.

غادرت المركز وأخذت أركض بحصاني بسرعة، ذهبت لكل مكان اعتدنا على التنزه فيه، لم تكن دراجة دايسكي في ساحة المركز فعرفت أنه قد ذهب بها لمكان بعيد، تذكرت تلك الجزيرة الصغيرة التي ذهبنا إليها قبلًا حين حدثني دايسكي عن كوكب فليد، وحين قال لي أن هذا المكان يذكره بفليد، قدرت أنه قد ذهب إلى هناك.

كان المكان بعيدًا لذا استغرقت ساعة كاملة حتى وصلت إليه، لكني وجدته فعلًا، كان جالسًا على ركبتيه مطرق الرأس، ترجلت من على حصاني واقتربت منه، شعر بي فالتفت إلي لثانية كانت كافية لأرى كمًا كبيرًا من الحزن والألم بعينيه، كان حزنًا جارفًا كالفيضان استطاع أن يجتاح روحي، اقتربت منه وجلست على الأرض جواره، وضعت يدي على كتفه مشجعة:

دايسكي!

التفت إلي وبكل ما فيه من ألم ومرارة:

أنا واثق من أنها كانت تسمعني، ناديتها مرارًا، رجوتها ألا تفعل لكنها لم تجبني، سمعتها تهتف باسمي في اللحظة الأخيرة و..

أه مسكين دايسكي! ما شاهدناه على الشاشة كان هينًا مقارنة بما كان يعايشه وقتها، حاولت أن أخفف من معاناته قائلة:

هي أرادت أن تفعل مثلك دايسكي، لقد حمت الأرض من هجوم فيجا، لم تكن قادرًا وقتها على القتال ونايدا تعرف السبب!

لكنه لم يجبني في ذلك الوقت، التفت لي دايسكي ولأول مرة ألقي بنفسه بين ذراعي، شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه دايسكي الذي انهار بين ذراعي وقتها، احتويته بصمت وجعلت أمسح على شعره وأربت على ظهره بهدوء حتى هدأت روحه.

بقينا على هذه الحال طويلًا ولا أعرف كم مضى من الوقت لكننا عدنا معًا بعد أن غابت الشمس تمامًا وأظلمت السماء.

ودعت دايسكي في تلك الليلة وتمنيت له أحلامًا سعيدة، كنت صادقة جدًا في أمنيتي فما عايشته منذ ليلة أمس كان قاسيًا جدًا، لكن ما عاناه دايسكي كان أكبر بكثير، أتمنى أن يأتي الصباح حاملًا لنا أخبارًا سارة.و أتمنى أن يستعيد دايسكي نفسه قريبًا.

  • مذكرات هيكارو السرية – أحببتها ولكن..!

    الحلقة الخامسة والعشرون – أحببتها ولكن..! في الأسابيع الماضية فتح دايسكي قلبه لي على غير العادة، كنا نتنزه كثيرًا، ونتحدث لساعات، وكنت سعيدة بهذه النزهات التي تمنحني الكثير من المشاعر الحلوة، وكنت أكثر سعادة بانفتاح دايسكي وتبسمه، كان يتمدد على العشب الأخضر بقربي ويغمض عينيه بسلام لم أعهده فيه قبلًا، أخبرني أنه يحب الأرض كثيرًا،…

اترك تعليقًا

هيكارو ماكيبا

موضوع هذه المدونة هو الأنمي الياباني الشهير UFO Robot Grendizer والذي أنتج بين عام 1975 و 1977 ودبلج للعربية في مطلع الثمانينات باسم “مغامرات الفضاء جريندايزر” ، كما دبلج لغيرها من اللغات مثل الفرنسية والإيطالية والإنجليزية.

Translate »