مذكرات هيكارو السرية – تشجع يا قلبي!

مذكرات هيكارو السرية – تشجع يا قلبي!

الحلقة الثلاثون

أنا متعبة للغاية، أعاني من التشويش، بالأمس بكيت كثيرًا.. كثيرًا جدًا، ولكن بالرغم من احمرار عيني وتشوش رؤيتي إلا أنني أشعر بحاجة مُلِحَّة للكتابة، لابد أن أصارح أحدًا بما أعانيه منذ البارحة؛ حتى لو كنت سأصارح فقط أوراقي وأبوح لها.

بالأمس كان الجو ماطرًا.. لا لم يكن ماطرًا منذ الصباح؛ لكنه تغير دون سابق إنذار، أظلمت السماء وتلبدت بالغيوم فجأة، انهمر المطر وأخذ البرق يلتمع بقوة، لسوء الحظ حدث ذلك يوم أنهى كوجي صحنه التجريبي الجديد، كان متحمسًا بشدة لتجربته، دعانا – دايسكي وأنا – لتشاهد تجربة الطيران الأولى، خرجنا من مركز الأبحاث بعد إصرار كوجي، التجأنا لظل شجرة تقينا المطر ووقفنا نرقب الطائرة التي أنهاها وقد رُفِعَتْ على قاعدة إطلاق صنعها بنفسه من عدة أعمدة معدنية وسلم خشبي بسيط على جانبها المواجه لنا.

أخذ كوجي يردد بحسرة ويلوم العاصفة: “يا للحظ! عاصفة عاتبة في يوم طيراني الأول!” حاول دايسكي إثناء كوجي لكنه بدا مصرًا، سألته وأنا أصرخ مرتعبة من شدة البرق وهدير الرعد في أذني – سألته إن كان بإمكانه الطيران في عاصفة كتلك، لكن كوجي كان مصرًا وأجاب على سؤالي بحسم: “أنا لا أهتم” واندفع نحو الطائرة.

رأيتُ دايسكي يلحق به، وصل الاثنان لسلم قاعدة الإطلاق وبدأ كوجي في صعود درجاته، أمسك دايسكي بساق كوجي يمنعه بكل قوته، لكن فجأة التمعت السماء وأصابت الصاعقة إحدى الأشجار القريبة وشطرتها لنصفين في مشهد مرعب

تلتها صاعقة أخرى أصابت الطائرة مباشرة وسرت في قاعدة الإطلاق، رأيتُ كوجي ينتفض من مكانه ويصرخ بشدة، ثم هوى فوق دايسكي الذي حاول التقاطه، وسقط الاثنان أرضًا.

كان دايسكي يحمي كوجي بجسده حين حدث ما حدث، رأيت القاعدة تنهار وفي لحظة طار أحد الأعمدة وسقط بطرفه المدبب على ذراع دايسكي.

سمعت صرخة دايسكي المتألمة وانخلع قلبي وركضت دون وعي مني صوب الاثنين.

وصلت إليهما فكان كوجي قد نهض وتجاوز دايسكي وهو يتجه صوب طائرته وكأن شيئًا لم يحدث، سمعته من خلفي يهتف باستياء: “مصيبة! البرق أفسد تجربتي!” سمعته لكنني لم ألتفت إليه، كنت منشغلة البال بدايسكي، أسرعت إليه اطمئن لكونه بخير، فجأة اخترق سؤال كوجي أذني: “ماذا أصاب دايسكي يا هيكارو؟!”

شعرت باستياء حقيقي من كوجي في تلك اللحظة، شعرت بأنانيته التي جعلته لا يلتفت لصرخة دايسكي الذي يغطيه بجسده، استأت لنهوضه واندفاعه صوب طائرته دون أن يقول كلمة “شكرًا” لهذا لم أتمالك نفسي، ثارت أعصابي والتفت إليه وأنا أقبض كفي وأصرخ: “لقد سقط عليه عمود فيما كان يغطيك بجسمه، ألا تعرف ما الذي حدث له؟! كله بسببك”

لاحظ دايسكي استيائي رغم ألمه، سمعته يقول من وراء كتفي: “الأمر بسيط.. أصاب ذراعي فقط يا كوجي” قالها بنبرة حانية ليخفف حدة الموقف، كم أنت رائع دايسكي! تملك قلبًا من ألماس!

أسرعت إليه أضمد جرحه، أخرجت منديلًا قماشيًا من جيبي ولففته حول ذراعه، حاولت طمأنته بأنه سيكون بخير، لم يكن الجرح غائرًا لهذا هدأت أعصابي، وسمعت كوجي يعتذر لدايسكي فزال استيائي وقتها والحمد لله.

فشلت تجربة الطيران للأسف وعدنا لداخل المركز، بقينا هناك لفترة نتحدث في أمور كثيرة حتى سمعنا دوي الإنذار في المكان فركضنا صوب غرفة المراقبة، لقد حدث ما كنا نكره جميعًا، لقد كان اليوفو، هكذا أخبرنا الدكتور أمون وطلب من دايسكي أن ينطلق فورًا.

أومأ دايسكي له إيجابًا دون نقاش، هكذا دايسكي عندما يسمع نداء الواجب، كم تعلمت من هذا السلوك وأحببته وزادني تقديرًا له، لا يخاف من المعارك مهما كان حجم الخطر، لا يخشى خسارة حياته أو.. في تلك اللحظة انقطعت أفكاري، لقد أومأ دايسكي برأسه واستدار فأصبح مواجهًا لي ولكوجي، رأيته يمسك ذراعه بألم على نحو فجائي، بدا الألم واضحًا على قسمات وجهه، ثم سقط على ركبتيه، حاول النهوض لكنه سقط ثانية على وجهه، تسمرت في مكاني وكذلك فعل كوجي، لكن دكتور أمون كان مختلفًا.. مختلفًا تمامًا.

كان أبًا حقيقيًا، هذا ما يمكنني أن أصف به دكتور أمون في تلك اللحظة، لقد نسي أمر اليوفو، نسي الحرب، شيء واحد كان يشغله هو “دايسكي”، لقد أسرع نحوه، انحنى أرضًا وأنهضه، أسند رأسه على ذراعه وطوق كتفه بذراعه الأخرى وهو يردد: “ماذا أصابك يا دايسكي؟ تمالك! انهض!” وكان دايسكي يجيبه بكلمة واحدة يرددها بضعف: “ذراعي.. ذراعي”

كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها دايسكي يتألم على هذا النحو، حين أتيتُ إليه بعد صدامه العنيف مع نايدا كان بصحة جيدة نوعًا ما وبحالة نفسية سيئة للغاية، لكن هذه المرة دايسكي لا يقوى حتى على الوقوف على قدميه، لهذا تجمدت في مكاني من الألم والخوف عليه، رأيت دكتور أمون يحمل جسد دايسكي القوي بثبات ونقله إلى المركز الطبي الملحق بمركز الأبحاث، نزع سترته وقميصه وأخذ يفحص جرحه، ووقفنا كوجي وأنا متوترين ننتظر ما سيقوله دكتور أمون.

كان دايسكي يتألم على الرغم من المسكن الذي حقنه به دكتور أمون، كنت أسمع أنينه المكتوم فأشعر بجرح ينزف بقلبي، وجعلت أمد يدي من حين لآخر لأجفف حبات العرق التي يتندى بها جبينه.

تحدث كوجي، اقترح على دكتور أمون أن يستخدم جهاز الأنودين ليسرع بالتئام الجرح وتعافي أنسجة الجسم، تردد دكتور أمون وتحدث أخيرًا، قال أن عليه ألا يستخدم الأنودين، قال أن هذه رضة غير عادية، حثه كوجي على الكلام بسؤاله: “إذن ما هي؟ قل!” بدا التردد على دكتور أمون، كان كمن يشك بأمر ما ويخشاه في الوقت نفسه، لهذا قال: “قد تكون.. لا لا.. لا أعرف قبل أن أفحصها أولًا”

بالفعل بدأ دكتور أمون بفحص الجرح من جديد، استخدم جهازًا لم أره من قبل، جهاز يتكون من صندوق يحوي مؤشرًا أمسكه بيده اليسرى، ويخرج من الصندوق مجس صغير  يرتبط بالصندوق بسلك سميك، أخذ يحرك المجس باتجاه دايسكي، وجهه لوجهه أولًا ثم لذراعه وانتظر برهة ثم: “ هذا ما توقعته.. إصابة سببها النشاط الإشعاعي”

لم يسيطر كوجي على أعصابه واعترض على ما يقوله دكتور أمون بعصبية قائلًا: “لا، غير صحيح.. صدمة بعمود حديدي، ما دخل النشاط الإشعاعي بالأمر؟!” هنا قال دكتور أمون جملة اخترقت صدري كسهم من نار: “قد لا يكون جرحًا حديثًا؛ إنه جرح من الماضي التهب من جديد”

سمعت جملة دكتور أمون وتعقيب كوجي عليه “لا غير صحيح” ورأيت وجه دايسكي وهو يلتفت إلي وأسنانه تصطك من الألم، عندها انهرت، خارت كل قواي، انهرت باكية على صدر دايسكي، لم أهتم بوجود دكتور أمون وكوجي، بل لم أشعر بهما أصلًا، كان ألمي أكبر وحزني كالفيضان الذي يجرفني لبعيد جدًا.

ألا يكفي ما يعانيه دايسكي من ماضيه؟! لماذا يفرض عليه القدر معاناة جديدة كتلك؟! يا إلهي! هذا الألم الذي رأيته على وجهه اليوم كما لم أره من قبل.. لم أكن قادرة على التحمل، بكيت بحرقة ولا أعرف كم بقيت من الوقت هكذا، لقد انتزعني من انهياري دكتور أمون، ربَّتَ على ظهري وأنهضني برفق وهو يقول لي: “اهدئي هيكارو.. علينا مساعدته الآن” أومأت له برأسي وأنا أجفف دموعي بأصابعي، عدت أنظر لدايسكي الذي لا زال يتألم ولا أعرف كيف يمكن أن يساعده دكتور أمون، فجأة أغمض دايسكي عينيه وسقط رأسه قبالتي فهتفت باسمه بلوعة لا أعرف ماذا حدث له، أو ماذا سيحدث له أكثر مما حدث فعلًا، أجابني دكتور أمون بهدوء: “لا تقلقي.. غاب عن الوعي”يا للمسكين! دايسكي لم يحتمل الألم أكثر!

أحضر دكتور أمون جهازًا جديدًا وأخذ يعده للعمل، كان يشبه المصباح اليدوي لكنه أكبر حجمًا ويعمل بالكهرباء، أشرت له بيدي وأنا أتساءل وكلي أمل:

هل سيشفى الجرح؟!

لن يشفى الجرح تمامًا في وقت قصير؛ سيهدأ الألم.

هناك أمل إذن، إن لم يشفَ الجرح في وقت قصير فلا بأس، وسيهدأ الألم هذا، رائع!

طلب مني دكتور أمون أن أساعده وأن أمسك ذراع دايسكي الذي فقد وعيه منذ برهة، لم أفهم السبب الذي يدفعني لإمساك ذراع دايسكي الفاقد الوعي لكني استجبت لطلب دكتور أمون.

لم تمضِ ثوانٍ حتى عرفت السبب وراء هذا الطلب الغريب، فجسد دايسكي الفاقد الوعي لم يتحمل ألم الإشعاع الذي أطلقه الجهاز الذي استخدمه دكتور أمون، انتفض جسده من مكانه واستجمعت قوتي لإعادته لحالته الأولى وتثبيته، وكانت دموعي تسيل على وجهي وأنا أرجوه أن يتشجع ويتحمل الألم.

مرت دقائق عصيبة تمزق فيها قلبي، حتى أني خشيت أن أرى دمائي تغمر قميصي من شدة ما شعرت به من ألم، لكن حمدًا لله! لقد هدأ الوضع أخيرًا، أوقف دكتور أمون الجهاز وأفلتُّ أنا برفق جسد دايسكي الذي بدا مسترخيًا عن ذي قبل، سألت دكتور أمون بقلق:

متى سيعود لوعيه؟

فور أن يهدأ الألم.

أتمنى أن يكون هذا قريبًا!

أومأ دكتور أمون برأسه إيجابًا، تنبهنا في ذلك الوقت لغياب كوجي، لم ينتبه أحدنا لانصرافه، كنا منشغلين بدايسكي كثيرًا، وعلى الرغم من تنبهنا لغيابه لم يغادر أحدنا الغرفة، اكتفى دكتور أمون باتصال هاتفي مع العاملين بغرفة المراقبة ليعرف ما حل باليوفو، أخبره العاملون هناك أن كوجي قد أقلع بصحنه التجريبي، وأن اليوفو يهاجم المدينة منذ فترة، لم يكن بيدنا شيء لنفعله في ذلك الوقت للأسف، بقينا جوار دايسكي ننتظر عودته لوعيه، عاد جبينه يتصبب عرقًا فعرفت أنه لا زال يعاني ويتألم، بقيت جواره أجفف عرقه من وقت لآخر، وبقي دكتور أمون يرقبه بهدوء وصبر، شعرت في تلك اللحظة أننا أسرة: دكتور أمون، دايسكي وأنا، أسرة واحدة مجتمعة على شعور واحد، مددت يدي من جديد أمسح جبين دايسكي فتحرك جسده فجأة، انتفض وأبعد يدي بطريقة لا إرادية، ابتهجت! لقد عاد لوعيه.. حمدًا لله!

فتح دايسكي عينيه، ثم هب جالسًا في فراشه، نظر لي ولدكتور أمون بدهشة وكأنه يحاول تذكر ما حدث، سأله دكتور أمون بحنان أبوي: “كيف جرحك؟ هل يؤلمك؟”

يبدو أن هذا السؤال قد أنعش ذاكرة دايسكي الذي غادر فراشه فجأة وهو يقبض على قميصه ويجيب دكتور أمون: “لا أنا بخير، انظر! أنا بخير” كان يلوح بذراعه إشارة لكونه بخير فعلًا، وكان يتجه لباب الغرفة يهم بالخروج، لم يكن من الصعب علينا أن نتوقع وجهته، دايسكي سيخرج لأداء مهمته، سيقاتل وحش فيجا وهو بهذه الحالة.

استوقفه دكتور أمون من جديد وهو يقول: “قف يا دايسكي.. جرحك ليس رضة عادية صدقني” نجح دكتور أمون فعلًا في استيقاف دايسكي الذي تجمد في مكانه وغمغم “ماذا؟”

استطرد دكتور أمون: “إنه ندبة من نشاط إشعاعي، يبدو أنك أصبت به منذ زمن بعيد”

وقف دايسكي ينظر بعمق للجرح الذي ظهر ليفسد حياتنا جميعًا، شرد لثوانٍ، فسأله دكتور أمون بحنان: “هل تذكر شيئًا؟” هنا تحدث دايسكي.

كان حديثه أخطر مما يتوقع وقتها، لا زلت أذكر ما قاله: “إنها ندبة من نشاط فيجاترون الإشعاعي” رددت الكلمة وراءه على نحو لا شعوري كأني أتأكد من الاسم فأكمل: “كان اليوم الأخير في نجم فليد، إنها إصابة حين انفجرت قنبلة من قوات نجم فيجا المتحالفة” ثم قطع الطريق علينا بحزم وهو يقول: “أنا ذاهب للعمل يا أبي”

لم يترك لنا دايسكي الفرصة لسؤاله أو حتى إثنائه عن قراره، كنا قلقين عليه، ورأيت قلق دكتور أمون قد تضاعف بعد ما قاله دايسكي، قال لي دكتور أمون:

علينا أن نسرع لغرفة المراقبة.

لحقت به  إلى هناك، وشاهدنا جريندايزر يخرج من قاعدته، وسمعت دكتور أمون يقول: “أتمنى أن يعود سالمًا!” أفزعتني جملته، الأمر خطير على ما يبدو ودكتور أمون يعرف ما هو أكثر، تابعت ما يحدث مع دكتور أمون، انتصر جريندايزر على الوحش في هذه الجولة أيضًا، اتصل بنا دايسكي يخبرنا عن كوجي، قال أنه رآى صحنه التجريبي يسقط ويرتطم بصخرة في النهر، لكن في عودته لم يستطع إيجاد الصحن، ويبدو أن النهر قد جرفه بعيدًا، كما أنه لم يكن هناك أثر لكوجي، ولم نكن نعرف أين ذهب، طلب دكتور أمون من دايسكي أن بعود وبدأ الهدوء يسود المكان نوعًا ما.

في ذلك الوقت سألت دكتور أمون عن إصابة دايسكي، رجوته أن يصارحني بمخاوفه، صدمني دكتور أمون بما أخبرني به، قال أن إصابة بنشاط فيجاترون الإشعاعي لا تعني مجرد جرح ينزف، قال أن هذا الجرح سيشفى ظاهريًا لكنه سيبقى مفتوحًا داخل جسد دايسكي، قال أنه سيزداد عمقًا وسيمتد حتى يصل إلى صدره، إذا بلغ الجرح هذا الحد فستكون النهاية، الأسوأ أن تَعَرُّضَ دايسكي للإشعاع أو إصابته المباشرة ستزيد الأمر سوءًا، انخلع قلبي، خرج من مكانه وانفجر أمامي على أرض الغرفة، سالت دموعي وبصوت مختنق سألت دكتور أمون عن علاج، فأجابني بأسف أن بإمكانه تهدئة آلام دايسكي كما فعل اليوم، أما الشفاء تمامًا فيكاد يكون مستحيلًا الآن، لا توجد دراسات وأبحاث كافيه في هذا المجال.

أطرقت برأسي وازدادت دموعي تدفقًا حتى حجبت عني كل ما حولي، لكني شعرت بيدي دكتور أمون تمسكان كتفيَّ وهو يقول لي:

توقفي عن البكاء هيكارو! عليك أن تكوني قوية، وعلينا أن نواجه الموقف جميعًا، دايسكي سيكون بحاجتنا في الأيام القادمة!

أومأت له برأسي وابتلعت دموعي، اتفقنا على ألا نتحدث في الأمر على نحو علني، سنبقي الأمر بيننا، لن أخبر دايسكي بما عرفت إلا إذا أخبرني هو بنفسه.

عاد دايسكي أخيرًا، تجاوز الباب، لقد بدا بحالة أفضل مما كان عليها سابقًا.. شكرًا لله! سأل عن كوجي فأخبره دكتور أمون أنه لم يعد للمركز وأنه لا يجيب على جهاز الاتصال، كنت أنظر لدايسكي بقلق واستعيد كلمات دكتور أمون وأحاول في الوقت نفسه ألا أبدي له شيئًا، لكن يبدو أني فشلت في ذلك، لقد سمعته يطلب من دكتور أمون أن يمنحه بضع دقائق، ثم أمسك بكفي وهو يقول: “تعالي أريد أن أخبرك شيئًا”

قادني لشرفة المركز، وقف مواجهًا لي، نظر بعمق لعيني وقد شدد من إمساكه لذراعيَّ بكفيه القويتين، شعرت بقوته فكانت كالدفء الذي يسري بجسدي في ليلة شديدة البرودة ويعيد له الحياة، قال لي:

أنا بخير هيكارو .. صدقيني! عودي الآن إلى المزرعة وأنا سألحق بك، سأرى ما حل بكوجي هذا كل ما في الأمر.

نظرت إليه وأجبته باستسلام:

حاضر دايسكي!

سنتحدث بعد العشاء.. هذا وعد!

ثم أضاف مازحًا:

لكن حضري عشاء شهيًا؛ فأنا جائع!

قالها ضاحكًا فضحكت بعفوية، سالت الدموع من عيني مع ضحكاتي لتمزج مشاعري كلها في لحظة واحدة، ودعته وعدت للمزرعة فعلًا.

هناك وجدت كوجي، كان مصابًا وقد عثر عليه أبي مصادفة، بضع كدمات وجرح بسيط في جبهته لكنه كان بخير والحمد لله، لهذا أسرعت بالاتصال بالمركز وأعلمتهم أن كوجي في المزرعة، تنفست الصعداء وتوجهت للمطبخ لإعداد العشاء، كان اليوم حافلًا ومرهقًا، لا رغبة لي بتناول الطعام لكن علي إعداده على كل حال.

عاد دايسكي متأخرًا نوعًا ما، تناولنا عشاءنا وجلسنا في ليل المزرعة نتحدث، كنت أنظر إليه وكأني أراه من جديد، لم أكن قادرة على استيعاب فكرة فقده قريبًا بسبب هذا الجرح، لكن ألم دايسكي اليوم يبرهن على ما يقوله دكتور أمون للأسف، بَقِيَتْ أفكاري ومشاعري حبيسة صدري هذا المساء، وأخذت أستمع لدايسكي الذي كان يروي لي ما حدث في المعركة، حدثني عن النيزك الذي وجد بحديقة الحيوان منذ عدة أيام، لقد وُجِدَتْ قطعة صغيرة جدًا منه، قطعة يمكن وضعها في راحة اليد، كانت تلتمع وتتوهج، وقد وُجدت بجوار قفص الأسد الذي اعوجت أعمدته وكونت فتحة خرج منها الأسد فعلًا

اقترب الأسد من الحجر النيزكي وحاول إمساكه بأسنانه فأصيب بصدمة كهربائية وفقد وعيه.

هذا ما أُخْبِرَ به دكتور أمون حين تم تسليمه هذا الحجر لدراسته، قال دايسكي أن هذا الحجر يطلق طاقة كهربائية قوية جدًا، وبالمصادفة الغريبة كان وحش

اليوم يستخدم ما يشبه هذا الحجر، كان الوحش ينفصل لوحشين ويهاجم من جهتين، وكان كل واحد منهما يطلق طاقة كهربائية تختلف عن الأخرى: إحداها موجبة والأخرى سالبة، ومن هنا بدت فكرة الخلاص لدايسكي، لقد ترك نفسه طعمًا للوحشين ثم قفز بجريندايزر في اللحظة المناسبة فانجذب الوحشين لبعضهما البعض كقطبي المغناطيس، وهنا استطاع دايسكي توجبه ضرباته لهما والقضاء عليهما.

سمعت دايسكي وكنت أحفر نبرات صوته داخلي، سأشتاق لهذا الصوت يومًا ما، هكذا فعلت بقسمات وجهه ونبرات صوته، حفرتهما داخلي بقوة وبقيت طيلة الليل أستعيدهما بألم، لم أستطع النوم ليلة أمس، وبكيت حتى انتفخت جفوني واحمرت عيناي، كيف سأخرج من غرفتي هذا الصباح؟ لا أعرف!

  • مذكرات هيكارو السرية – تشجع يا قلبي!

    الحلقة الثلاثون أنا متعبة للغاية، أعاني من التشويش، بالأمس بكيت كثيرًا.. كثيرًا جدًا، ولكن بالرغم من احمرار عيني وتشوش رؤيتي إلا أنني أشعر بحاجة مُلِحَّة للكتابة، لابد أن أصارح أحدًا بما أعانيه منذ البارحة؛ حتى لو كنت سأصارح فقط أوراقي وأبوح لها. بالأمس كان الجو ماطرًا.. لا لم يكن ماطرًا منذ الصباح؛ لكنه تغير دون…

اترك تعليقًا

هيكارو ماكيبا

موضوع هذه المدونة هو الأنمي الياباني الشهير UFO Robot Grendizer والذي أنتج بين عام 1975 و 1977 ودبلج للعربية في مطلع الثمانينات باسم “مغامرات الفضاء جريندايزر” ، كما دبلج لغيرها من اللغات مثل الفرنسية والإيطالية والإنجليزية.

Translate »