نساء ثلاثة وحب ضائع!
السؤال الذي حير المشاهدين لسنوات
لقد أدى ظهور عدة شخصيات نسائية في قصة “مغامرات
الفضاء .. جريندايزر” وتعدد العلاقات العاطفية وقصص الحب وتداخل أزمانها- أدى
إلى إثارة سؤال هام وجوهري بين المتابعين والمهتمين لسنوات: من هي حبيبة دوق فليد
حقًا؟ وهل أحب دايسكي هيكارو وهي البطلة النسائية الأولى في القصة؟ لدرجة أن وجه
الجمهور سؤاله لمؤلف العمل شخصيًا والذي رفض إعطاء رد حاسم ليس لعدم وجود هذا الرد
وإنما ليبقى العمل مفتوحًا للنقاش والتكهن والتحليل، واختلف المشاهدون حول إجابة
هذا السؤال وانقسموا إلى ثلاث فرق:
فريق يرى أن دوق فليد أحب نايدا أو البارونة نايدا،
وفريق آخر يرى أن دوق فليد ربما أحب نايدا ولكن مؤكد أنه أحب روبينا وقرر الزواج
منها وأنها حبه الوحيد والأكيد وأن لهذا السبب لم يحب هيكارو أو يتفاعل مع عاطفتها
الجياشة، بل بالغوا أيضًا في رأيهم وأحبوا روبينا مقابل كراهية شديدة وغير مبررة
لهيكارو، وفريق ثالث يرى أن دايسكي قد أحب هيكارو بالفعل رغم أنه تركها في نهاية القصة
عائدًا إلى كوكبه فليد، والفارق بين الفرق الثلاثة واضح – في رأيي – ويمكن تفسيره
بسهولة على ما اعتقد:
أولًا: الفريق الأول والثاني يتحدثان عن دوق فليد
والفريق الثالث يتحدث عن دايسكي، ورغم أن دوق فليد ودايسكي هما اسمين لشخصية واحدة
إلا أن كل اسم منهما يرمز إلى مرحلة زمنية وعمرية، وقد اختلفت الشخصية في سماتها
وتطوراتها ونفسيتها واجتماعياتها في كل مرحلة، وهذا أحد أوجه البراعة في هذا العمل
الذي تناول الشخصيات بطريقة ديناميكية على مدار 74 حلقة، تناول فيها الماضي
والحاضر ونثر بذور للمستقبل أيضًا.
ثانيًا: ظهرت قصة دوق فليد مع نايدا وروبينا في حلقة
واحدة فقط لكلًا منهما، في حين عولجت قصة الحب الدافئة بين دايسكي وهيكارو على
مدار 74 حلقة كاملة، وأنا أقول “دافئة” بدقة وبدلالة خاصة، وكذلك لم
تكتب لفظتي “ظهرت” و”عولجت” اعتباطًا، فهناك فرق كبير بين
الظهور فقط وبين المعالجة الدرامية الطويلة التي تركز على التطور.
ثالثًا: جاء ظهور نايدا وروبينا في ومضات سريعة وقوية
وجياشة لتظهرا جوانب خفية من شخصية دوق فليد وماضيه لكي يتمكن المشاهد من فهم
حاضره ومستقبله وتركيبته النفسية المعقدة، في حين ظهرت هيكارو مع دايسكي في قصة حب
متطورة وقد مرت بمراحلها المختلفة من الانجذاب الأولي إلى المصادقة ثم الدعم ومن
ثم الحب الحقيقي والشراكة والحماية وحتى لحظة الوداع.
وهناك فريق محايد يجمع بين الآراء الثلاثة – وأنا أميل
إليهم – فيقول أن دوق فليد أحب نايدا في صغره ومراهقته حب صديقة مقربة، وفي شبابه
أعجب بروبينا وقد يكون أحبها، وكان من المقرر أن يتزوج منها لأجل مصالح سياسية –
وهذا بحد ذاته يضعف الحب وينفي عنه الأصالة – ومن ثم أحب هيكارو في نضجه، ويبدو
هذا الرأي موضوعيًا إلى حد كبير، فبعد الهجوم على كوكب فليد ودماره من المؤكد أن
شخصية دوق فليد قد تغيرت كثيرًا، ربما كان دوق شخصية حالمة ومشرقة في الماضي، وعلى
ما يبدو لم يكن محاربًا وإن كان مدربًا عسكريًا، كان شابًا مثقفًا ورياضيًا
وعازفًا للقيثارة، وبعد حلول المأساة حدث تغير كبير وجذري في شخصيته، إذ شوهت
الحرب روحه بشكل فجائي، وبالتالي تحول إلى شخصية يائسة وكئيبة ومحبطة، ومع وصوله
للأرض بحالة صحية ونفسية سيئة كانت نقطة تحول رهيبة في حياته.
وصول دوق فليد للأرض كان يعني مولدًا جديدًا وبداية
اختارها هو لنفسه وإن لم يملك كل قرارته فيها، كان من الممكن أن ينطلق بمركبته في
الفضاء مرة أخرى، أو يقدم على الانتحار أو أن يرفض حماية دكتور أمون وينطلق للعيش
منفردًا بعيدًا عن المجتمع الإنساني على الأرض، وكان من الممكن أن يقبل رعاية
دكتور أمون وتبنيه وينخرط معه في العمل داخل مركز أبحاث الفضاء، ولكنه اختار
الحياة الريفية الهادئة في مزرعة البتول الأبيض، كأنما روحه المعذبة كانت تبحث عن الأمان
والهدوء، وظهر ذلك جليًا في حبه للسلام وعشقه لخضرة الأرض وتأمله للطبيعة، ورغم
محاولته للاندماج مع أسرة دامبي إلا أنه كان وحيدًا، ومع اضطراراه للتعايش مع
شخصية دوق فليد من جديد بدأت مرحلة ثالثة في حياته، مرحلة مزدوجة شطرته إلى نصفين،
ومع هذا الانشطار كان هناك انجذاب وتقارب بينه وبين هيكارو، ومن هنا بدات القصة.
اترك تعليقًا