هيكارو ماكيبا – 牧葉 ひかる

تحدثنا من قبل عن الشخصيات في جريندايزر من حيث توزيع الأدوار فيما بينها ما بين بطل أساسي، مساعد بطل، أمين سر، معلم، بطل مضاد، مساعد بطل مضاد، وأمين سر البطل المضاد، في هذا الموضوع سوف نقدم وصفًا جديدًا لتلك الشخصيات مسترشدين بتصنيف الشخصيات مسرحيًا، أي أننا سوف نتخيل جريندايزر كعمل مسرحي هذه المرة.

فيلم جاتايجر أو المعركة الكبرى للصحون الطائرة هو الأنسب نظرًا لقصره، وبعدها سنقدم لكم إضاءات خاصة حول بعض حلقات ومشاهد الأنيمي في ضوء هذا النحليل.

فيلم جاتايجر أو المعركة الكبرى للصحون الطائرة.

الفكرة الأساسية لفيلم جاتايجر.

الفكرة البسيطة والمركزية التي يدور حولها فيلم المعركة الكبرى للصحون الطائرة – جاتايجر من بدايته حتى نهايته لو تصورناه كعمل مسرحي هي: القيام بالواجب يحتاج لتضحية كبيرة.

في ضوء هذه الفكرة تم تصوير أمير ابتلي بآلة قتال في عهدته، آلة قتال ثمت من يبحث عنها بإصرار لاستخدامها لتعكير السلام في الكون، هرب الأمير بآلته بعد أن فقد وطنه وأسرته، وهام على وجهه في الفضاء إلى أن وصل لكوكب الأرض الذي منحه حياة جديدة، حتى حدث ما كدر صفو حياته، وصل إليه العدو طمعًا في آلته الرهيبة، قرر القتال ثم تراجع عنه حين تذكر وعده بأن عليه أن يغادر الأرض لو استخدم آلته الرهيبة، دمر العدو المدن وبدأ بقتل الأبرياء فحسم أمره وحاول حل القضية بطريقة سلمية ليحافظ على سلام الأرض وبقاؤه فيها والاحتفاظ بآلته الرهيبة في الوقت ذاته حتى لا يتعرض الكون للخطر.

ازدادت الحبكة تعقيدًا حين وجد صديقة طفولته هي من يواجهه، ووجد نفسه تحت ضغط عاطفي حين اكتشف مشاعرها تجاهه، لكنه رغم ذلك تمسك بموقفه، رفض مشاعرها وعرضها له بالعودة معها، تنبه لما ينطوي عليه عرضها من خطر يهدد الأرض وغيرها من الكواكب وهو الاستيلاء على آلته الحربية، تذكر والد صديقته وميوله الدموية، بُنِيَ الحاجز بينه وبينها وتسلح هو به وعاد لرشده، رفض عرضها رفضًا قاطعًا دون أن يصل لحل للمشكلة.

تصاعدت الأحداث أكثر فأكثر ليجد نفسه أمام مقايضة أصعب، تتبعته صديقته لتخيره هذه المرة بين أمرين: إما آلتك الرهيبة أو حياة من تحب، لقد تغيرت الصفقة هنا، في المرة الأولى كانت: كن لي ولنكف عن أذيتك، هذه المرة صارت بين: ما حال بين أن تكون لي وهو جاتايجر وبين ما تركت كل شيء لأجله وهو الأرض.

اتخذ الأمير القرار الخاطئ بداية، اختار حياة حبيبته الأرضية وتنازل عن آلته الرهيبة مضحيًا بسلام الكون فداءً لها، ثم وصل للذروة فعلًا حين تدخلت شخصية أخرى غدرًا لتستحوذ على كل شيء وتدفع الأمير لخسارة آلته، حبيبته، الأرض، وسلام الكون بأسرة.

هنا جاء الحل، اختار الأمير أن يضحي بسعادته لأجل من يحب، سوف أخسر العيش معك، وأخسر الأرض التي صارت وطني، سأهيم على وجهي في الفضاء مجددًا وحيدًا لا لأني أكرهك أو أتحمل فراقك؛ ولكن ثمت واجب علي القيام به، علي ألا أسلمهم آلة الموت تلك، إن سلمتها فقدتك وفقدت وطني وتسببت في مذابح كونية، هذا واجبي وعلي القيام به حتى لو لم يسعدني، هذا قدري وليس اختياري يا حبيبتي. لهذا حارب وانتصر وودع حبيبته وأرضه ورحل.

الشخصيات في جاتايجر.

في تلك المسرحية نجد دوق فليد شخصية محورية، تيرونا محرك للأحداث، وهيكارو شخصية رمزية، كيف؟

دايسكي أمون/دوق فليد – شخصية محورية في جاتايجر.

دايسكي شخصية محورية لأنه صاحب القضية، وهو المسؤول عن التعبير عن الفكرة، وهو الأكثر ظهورًا.

تيرونا – شخصية محركة للأحداث في جاتايجر.

تيرونا هي محرك الأحداث لأنه لولا وصولها للأرض وقصفها لها لما تغيرت حياة دايسكي ولا وُضِع في مأزق الاختيار والتضحية وتلبية نداء الواجب، وهي بتهديدها دفعت دايسكي للذهاب إليها والحديث معها، وهي أيضًا بتتبعها له وهجومها على هيكارو ومقايضته ساعدت في تحزيك القصة، وأخيرًا في مواجهتها له وتكرار سؤالها وعرضها دفعته ليعبر عن مكنون نفسه وحبه للأرض ورغبته بالبقاء فيها، وفي احتضارها وموتها دفعته للتعبير أكثر عن شعوره وكراهيته للحرب، وكانت تيرونا المحرك للوصول للنهاية المأساوية.

هيكارو ماكيبا – شخصية رمزية.

أما هيكارو فكانت رمز الأرض التي أحبها دايسكي، تم تمثيل الأرض من خلال فتاة بسيطة تعيش في مزرعة لتبرز السمات التي دفعت دايسكي لحب الأرض حقًا، هو أحب السلام، الجمال الهادئ، الاحتواء، ووجود الأسرة، لهذا كانت هيكارو ماكيبا وأسرة ماكيبا عنصرًا لا غنى عنه في جاتايجر وما تبعه من أعمال للسيد جو ناجاي.

لم يكن من السهل تصوير وتعميق حب دايسكي للأرض إلا من خلال حبه لفتاة منها، لا حبه لزهرة أو مزرعة أو حصان، وليس حبه لصديق فقط، لأن الفارق كبير جدًا بين حب رجل لامرأة وحب رجل لصديق، والقصة أرادت الحب الأعمق والأشمل، الحب الذي يُكَمِّلُ الشخص، يجبر النقص، يمنح الأمان، ويحقق معنى البيت والوطن.

إضاءات من مسلسل مغامرات الفضاء جريندايزر.

صفعة الرجاء والخوف.

في الحلقة 23 من أنيمي جريندايزر (هيكارو تستنجد عبر الشلال) وعندما انكشفت هوية دايسكي الحقيقية أمام هيكارو – حينها تركته هي وركضت بفزع، ثم سقطت على وجهها على الأرض المبللة بالمطر، وعندما حاول مساعدتها على النهوض أبعدت يده عنها بحدة هاتفة: “لا تلمسني”، عندها فقد دايسكي رشده وصفعها وهو يهتف: “مجنونة”، ثم وقف محدقًا بيده وانهارت هي فاقدة لوعيها.

هذه الصفعة والخروج عن الاتزان كان تعبيرًا عن ألم دايسكي المتعاظم لرفض الأرض بأكملها له، هذا الرفض عزز شعوره بالألم والوحدة والضياع، وعزز كراهيته للماضي الذي حاول دفنه لأكثر من سنتين وها هو الآن يطفو من جديد ليدمر حاضره، لم تكن صفعة رجل لامراة ترفضه؛ وإنما صفعة خوف ورجاء وتشبث، قال: “مجنونة” وكأنه بفعلته يقول: “لا تفعلي بي ذلك رجاءً، لا تصلي لحد الجنون فتدمرين حاضري، أنا غريب من كوكب ثان، أحب هذه الأرض، وأجد فيك وفيها وطني وحاضري وسعادتي، لا أريد أن أعود للماضي مجددًا، تعافيت بكِ فلا تدفعيني للمرض مجددًا”.

هيكارو والأرض وجهان لعملة واحدة.

“أريد فقط أن أعيش بسلام على هذه الأرض الخضراء”، “هيكارو لا تأتِ إلى مركز الأبحاث فالمكان خطير”، “ابتعدي يا هيكارو قلبه من حجر”، “لا عليك، لن أقتل، لا تقلقي وانتظريني”، “لا أريدك أنتِ على الأقل أن تقاتلي” “أيتها الأرض.. أرجوكِ ابقِ جميلة وآمنة كما أنتِ الآن” “لا يمكن أن تتورط هيكارو في الحرب أبدًا”، “حاولي الفهم هيكارو.. المعركة ستزداد شراسة ولا أتحمل أن أراكِ تتورطين فيها”،”سأحمي حياتك يا هيكارو”، “علي أن أذهب إكرامًا لهذه الأرض الرائعة”، “سأنال ذلك الخصم حتى لو كان يعني موتي”، “لا تيأسي هيكارو، حاول دائمًا”.

هذه الجمل وغيرها قالها دايسكي في حديثه أو وصفه، وعنى ببعضها هيكارو، وببعضها الآخر الأرض، لكن لو أمعنا النظر فيها فسنجد ما ينطبق على هيكارو ينطبق على الأرض والعكس صحيح، مثلًا: “أريد فقط ان أعيش بسلام على هذه الأرض الخضراء”، الجملة تحتمل المعنيين، أريد أن أعيش بسلام على الأرض الخضراء لأنها وطني الثاني، وأريد أن أعيش بسلام مع حبيبتي الأرضية التي هي حياتي الآن، في الحالتين الحرب تقف عائقًا بين دايسكي وتحقيق رغبته.

ومثال آخر: “سأحمي حياتك يا هيكارو” و “سأنال ذلك الخصم حتى لو كان يعني موتي”، الجملة الأخيرة قالها دايسكي في خطاب فردي شمل الأرض ودكتور أمون، خص الأرض بالأمنية، وخص دكتور أمون بالشكر، والتضحية كانت لتحقيق الأمنية وعرفانًا بالجميل، أما حماية حياة هيكارو فلن يتحقق سوى بحماية الأرض وهي الأمنية.

التجربة الشخصية لدايسكي.

في الحلقة 25 (زهرة حب أينعت في العلاء) وصف دايسكي لنايدا الأرض بقوله: “نايدا، يجب ألا تقلقي بعد الآن، الناس جميعًا هنا طلفاء، ستنسين كل مآسيك التي مررتِ بها على كوكب فليد إذا أقمت في هذا المكان الجميل، عندنا أعشاب وأشجار وشمس مشرقة كما كان يوجد على كوكب فليد، والشيء الأهم هو محبة الناس، إنني متأكد من أن جراحك ستلتئم بعد فترة، وستنعمين بالسعادة والهناء كما كنتِ سابقًا” في هذا الوصف تحدث دايسكي عن الأرض بضمير المتكلم الجمعي “نا” قال “عندنا” وكأنه صار من سكان الأرض فعلًا، وصف الأرض ظاهريًا ووصف الحب فيها، وتحدث من واقع تجربته هو الشخصية “سوف تنسين ما مررت به على كوكب فليد إذا اقمت في هذا المكان الجميل… جراحك ستلتئم بعد فترة… ستنعمين بالسعادة والهناء” هذه هي تجربته الشخصية بعد أن صار أرضيًا، لقد تعافى ونسي وذاق حلاوة الحياة من جديد، في الحلقة ذاتها ألبس نايدا ثوب هيكارو في إشارة لكون هيكارو هي الأرض التي أحبها، أحب طابعها وروحها لدرجة أن ألبس صديقته وحبه الأول ثيابها لتتعافى كما تعافى هو.

الشرفة والضياع.

في الحلقة 72 بعنوان (نجم الوطن البعيد) وقف دايسكي في شرفة مركز الأبحاث بعد لقائه بالأميرة روبينا، وتحاشى مواجهة عيني هيكارو، وبدا شاردًا ومتألمًا ومنزعجًا ومفكرًا بعمق أيضًا، هذا التحاشي كان لأجل قرار يحاول اتخاذه، هل أصدق ما قيل لي وأرحل مضحيًا بحبي للأرض ممثلة فيكِ لأضمن انتهاء الحرب وبقاؤك جميلة وحرة وسعيدة؟ أم أرفض لأبقى معكِ هنا، أضع سعادتي بجانب سعادتك ونواجه معًا مصيرنا في الحرب؟ هل أرحل فتتوقف الحرب فعلًا؟ أم أن رحيلي قد يأتي بما هو أسوأ؟ ماذا أفعل؟ هل علي البوح لكِ؟ هل ستقبلين ما أفكر به؟ هل ستعذرين فكري كامرأة؟ هل أراهن على نقاء قلبك واحتوائك وتفهمك؟ هل إن فعلت سأكون جديرًا بك أم ناكرًا لجميلك؟ هل أرحل دون وداعك؟ هل سأحتمل ذلك؟ ما المصير الذي يمكن أن ينتظرني إن رحلت؟ هل أنا على صواب فيما أفكر به؟ كيف أتأكد إذن؟ لمن أبوح إن لم أكن قادرًا على البوح لكِ؟

صورة هيكارو في الفضاء.

في الحلقة 74 وحين غادر دايسكي الأرض ذكر صورة هيكارو في الفضاء، ذكرها بصفتين: صفة الحبيبة التي تنظر إليه بطرف عينها خلسة كي لا يشعر بها أحد، نظرة امرأة محبة خجولة، وذكرها بصفة الأم الحانية لشقيقها الأصغر، ذلك الحنان الذي ساعده على الخروج من عزلته كما ظهر في الحلقة 4 (مزرعة البتول الأبيض في خطر)، كانت صورة هيكارو هي صورة الأرض كما يراها هو وكما علقت بروحه، وكانت وقوده في رحلته الجديدة.