بعد انتهاء عرض مسلسل جريندايزر يو على التلفزيون الإيطالي مدبلجًا للإيطالية، عاد النقاش والجدل حول هذه النسخة الجديدة، واستند المدافعون عنها لعدة حجج هي في الحقيقة من مواطن ضعف ذلك العمل، كما أنها تنتقص من رصيده لا العكس، في هذا الموضوع سوف نتحدث عن حجج المدافعين عن هذا العمل ونرد عليها بوضوح.
النوستاليجا والحنين للماضي
يحاول المدافعون إخراس الأصوات الرافضة للعمل متحججين بأن هذا الرفض نابع فقط من الحنين للماضي وذكرياته، ومع أن الحنين للماضي قد يقف عقبة فعلًا في وجه قبول الأعمال والأفكار الجديدة بشكل عام، إلا أنه في حالة جريندايزر يو الأمر يختلف، حيث لا يعد رفض الطابع الأنثوي لرسم الشخصيات الذكور حنينًا للماضي، وإنما هو رفض قيمي وأخلاقي، وحين يرفض الجمهور تفريغ عمل من قيمه السامية ليركز على مثلث حب يحل بطريقة مقززة وغير أخلاقية فهذا ليس بدافع الحنين للماضي أبدًا، وإنما هو مبدأ وقيم وأخلاق.
إعادة التشغيل
يحتج المدافعون عن جريندايزر يو بأنه إعادة تشغيل للقصة الأصلية، ويظنون أن إعادة التشغيل هي رخصة مفتوحة للمؤلف الجديد ليفعل ما يشاء، الحقيقة أن إعادة التشغيل لها مبادئها ولا تتم بهذا الأسلوب.
المفترض أن تتيح إعادة التشغيل تقديم القصة بصورة تسمح بجذب جمهور جديد ودمجه مع الجمهور الحالي، بحيث يكون من الممكن للجمهور الجديد أن يستمتع بما فات وأن يتابع ما هو آت، وليكون المعنى أوضح: يمكن لإعادة التشغيل تقديم قصة مكونة من مائتي حلقة في خمسة عشر خلقة ليتمكن المشاهدون الجدد من متابعتها بسهولة.
وفي إعادة التشغيل قد تتغير الحبكة لكنها لابد وأن تحمل نفس القيمة والمعنى، وفيها تتم غربلة الشخصيات والأحداث والتركيز على العناصر الأساسية، وقد تتغير البيئة التي تعيش فيها الشخصيات لتصبح أكثر معاصرة، أو يتم تغيير المرحلة العمرية للشخصيات لجذب جمهور أصغر أو أكبر.
ما حدث في جريندايزر يو هو فوضى حقيقية ومحاولة إرضاء لأهواء شخصية لفريق العمل، يمكن ملاحظة ذلك بسهولة، حيث بنيت إعادة التشغيل على حلقة واحدة فقط من مسلسل مكون من 74 حلقة، وضمت كمًا كبيرًا من العشوائيات والفجوات، حتى ليبدو العمل مرقعًا فعلًا، وبدلًا من غربلة الشخصيات والتركيز على المهم، تم توسيع الشخصيات لإحداث فوضى لا مبرر لها.
ومن ناحية الأبطال والآليات، لم تحترم إعادة التشغيل العمل الأصلي مطلقًا، ودمجت معظم شخصيات مازينجر زد بشخصيات جريندايزر، بل وأعطتهم الأولوية، ولم تحتفظ بالمشاهد والأماكن الأيقونية، ففي حين يعتبر مركز أبحاث الفضاء أيقونة في جريندايزر لا يمكن إغفالها، إلا أن صناع العمل أتوا به في مرحلة متأخرة وعلى عجالة وبلا أي تركيز، في المقابل تم تتويج مركز أبحاث الفوتون،. والكلام ينطبق على دكتور يومي وسياكا وكوجي.
ومن حيث القيم، تمسك العمل بالقيم السامية في العمل الأصلي شكليًا فقط، فدوق يو يقول بأنه يحب الأرض وسيحميها، لكنه لا يفعل شيئًا في الحقيقية لأجل ذلك، حتى التضحيات التي تضمنتها القصة الأصلية تم محوها تمامًا، ووصل الحد بهم لدفع دوق يو ليقول بغباء جم بأنه سيعيش على الأرض لأجل روبينا، وكأن كاتب العمل الجديد لم يفهم حرفًا واحدة في القصة الأصلية، ولم يتمكن من عزل أهواءه الشخصية وتحيزاته مطلقًا.
الجيل الجديد ذو مزاج مختلف
هذه أكثر الحجج استهانة بالجمهور، فالجيل الذي شاهد جريندايزر السبعينات لم يشاهده وينعزل بعدها عن العالم، وإنما ظل يشاهد منتجات فنية على اختلافها على مدار تلك السنوات، إنه لم يكن في سبات شتوي حتى يظن البعض أنه أفاق على جريندايزر يو فلم يتمكن من استيعاب الجديد، من ناحية ثانية، فريق العمل الذي قام بجريندايزر يو هو من جيل الستينات والسبعينات والثمانينات، إذن المعادلة سليمة، نفس الأجيال تواجه بعضها وتنقد بعضها.
والأهم أن مقارنة جريندايزر يو بأي عمل جديد اليوم أو من سنة أو اثنتين لن تكون في صالحه أبدًا، خاصة عندما يتركز النقد على مرحلة كتابة العمل لا رسمه أو تحريكه.
تصميم الآليات جميل
هذه الحجة تستخدم عند نقد العمل من حيث الكتابة، يحاول المدافعون تحويل مجرى الحديث لصالحهم، لكن الكتابة هي الكتابة، وستظل أساس أي عمل، وهي ما يقوده للنجاح أو الفشل، وحين ينتقد الجمهور سيناريو جريندايزر يو لوجود فجوات لا حصر لها، حبكات مبتورة، مشاهد مكررة، مبررات درامية مفقودة وغيره فإن تصميم الآليات ولو كان إبداعيًا وعظيمًا فلن يكفي للرد أو الاحتجاج.
سلسلة السبعينات لم تخل من الثغرات
أكثر الحجج إهانة لجريندايزر يو، فعندما تحتج بنقاط ضعف عمل أنتج من خمسين سنة بتكنولوجيا بدائية مقارنة بما هو موجود اليوم، وكان ينتج ويعرض في وقت واحد، فأنت حتمًا تعترف أن العمل الجديد الذي أنتج اليوم في وجود تكنولوجيا متطورة، واستغرق عامين لإنتاجه هو فاشل بكل المقاييس.
أنت متحيز لأجل شخصية
هذه الحجة تنطبق على جريندايزر يو، وليس على الجمهور الرافض له، صحيح أن كل عمل فني يحمل رؤيه كاتبه، وبديهي ألا يخلو من التحيز، لكن هذا ينطبق على العمل الأصلي للمؤلف، أما إعادة التشغيل وخاصة بعد خمسين سنة فالأمر مختلف تمامًا.
مانجا أوتا لجريندايزر مثلًا هي إعادة تشغيل تزامنت مع عرض سلسلة السبعينات، شأنها شأن مانجا ناجاي، ولكل منهما طابع مختلف تمامًا، حملت مانجا أوتا الطابع الساخر ، الكوميدي، والجريء، وانتهت بسوداوية، في حين كانت مانجا ناجاي أكثر اعتدالًا منها، واختلفت الأحداث والحبكات بين الاثنتين ولم تتطابق، ولكن حين تقرأ الاثنتين وتشاهد الأنيمي ستخرج بقصة عامة واحدة، وستجد ثوابت مشتركة بين الأعمال الثلاثة، لدرجة أن من يكتفي بعمل واحد منها سيفهم جريندايزر ويعرف شخصياته الأساسية، والشيء نفسه ينطبق على جريندايزر جيجا.
وكان الأولى لفريق العمل دراسة تلك الأعمال بدقة لمعرفة العناصر الأساسية بدلًا من تحقيق أهواءهم الخاصة على النحو الذي شاهدناه، إذ أفرغوا القصة من معناها تمامًا ومسخوها لتكون مجرد قصة مثلث حب.
طريقة تعامل صناع جريندايزر يو مع الشخصيات أيضًا كانت متحيزة للآراء الشخصية، وتم ابتكار شخصيات لا حاجة لها لتلبية طموح البعض، ونشر ذلك صراحة في مقابلة صحفية مع كاتب العمل بعد بث الحلقة 11، فشخصية كاسادو كانت لإرضاء السيد ساداموتو الذي جذبته شخصية سادية في مسلسل Game of thrones، وكاسادو كان مقررًا له الموت في الحلقة الثالثة لكن الرسامات الإناث في فريق العمل أحببن رسمه فتم تغيير مصيره، والسيد فوكودا يحب كيركا لذا استبعدت لتكون مساعدة الوزير زوريل حتى لا يطلها سوء، والسيد فوكودا يحب نايدا وطلب الاتيان بحلقتها، والسيد فوكودا طلب ابنتي فيجا، ما هذا السخف والعبث؟ وبالطبع كوجي ومازينجر محبوبان جدًا لدى السيدين فوكودا وساداموتو، لذا تم منحهما وكل ما يرتبط بهما الصدارة وكأنه عمل لمازينجر لا جريندايزر.
وجود مازينجر جميل لأن جريندايزر هو الجزء الثالث لمازينجر
جريندايزر هو تتويج للثلاثية التي ضمت مازينجر زد وجريت مازينجر وجريندايزر، لكن الارتباط بين جريندايزر والسلسلتين السابقتين لا يتعدى وجود كوجي فقط دون أي تفاصيل، العالم الخاص بحريندايزر كان مختلفًا، وطريقة معالجة الشخصيات فيه كانت أكثر نضجًا وجدية من مازينجر وجريت مازينجر، لذا لا يمكن العودة بالزمن للوراء، ومهما كان حب الجمهور لكوجي ومازينجر فعليهم قبول الحقيقة، كوجي بطل مازينجر زد وهذا يكفي.
كنا صغار
حجة قريبة من النوستاليجا والحنين للماضي، هذه الحجة تستخدم لصم الآذان وإغلاق العيون ورفض أي مشاهدة صادقة ومنصفة للعملين، وبهذه الحجة يفترض معجبوا جريندايزر يو بأن جريندايزر السبعينات كان تافهًا وأنه لم ينل الإعجاب إلا لأن من شاهده أطفالًا، ويطبق المبدأ ذاته على جريندايزر يو.
الواقع أن من شاهد جريندايزر السبعينات ليسوا أطفالًا فقط، كان منهم أطفال ومراهقين وناضجين، وحتى الأطفال منهم شاهدوه في مراحل متقدمة من عمرهم، ومن ناحية ثانية استطاع جريندايزر السبعينات أن يجذب جمهوره طوال خمسين سنة مقارنة بأعمال لم تتمكن من جذب سوى شريحة عمرية واحدة، وإن كان جريندايزر قادر على جذب جمهور بعمر الخمسين اليوم فهذا دليل على أن قصته كانت أعمق من إدراك الصغار.
شجعوا فريق العمل
البعض يحز في نفسه نقد العمل الجديد بحجة تشجيع القائمين عليه، ولكن هذا التشجيع مطلوب حين يقوم بالعمل هواة غير مدعومين بميزانيات وامكانيات، أو كوادر جديدة، أما حين يقوم بالعمل أسماء معروفة بميزانية مرصودة ومدة عمل تصل لعامين فالتشجيع الوحيد هو النقد الحقيقي للعمل ولو لم ينصفهم، والسؤال الأهم هنا: لما أنتج هؤلاء المعروفون وذوي الخبرة شيئًا كهذا لا يحترم عقول الجمهور؟
فريق العمل يتكون من أسماء معروفة
هذه الحجة أدهى وأمر من السابقة، فلو كان هؤلاء المعروفون يستخفون بالجمهور لهذا الحد فتلك كارثة، وإن كان الجمهور ملزم بالإعجاب بعمل متدني كهذا خشية أسماء صناع العمل فتلك مصيبة.
اترك تعليقًا