رغم مرور السنوات لا زلت أحب #هيكارو_ماكيبا ، رغم الهجوم عليها لقرابة نصف قرن، ورغم محاولات قسم لا بأس به من الجمهور لتشويهها وطمسها إلا أنها ظلت باقية، باقية وحاضرة لتثبت لنا أن الشجاعة والإصرار هما القوة الحقيقية والوقود اللازم لبلوغ الهدف.
هيكارو لم تولد وبفمها ملعقة من ذهب، أرادها مؤلفها فتاة بسيطة، جمالها هادئ، غبر لافتة، لا تحصل على التقدير من انتسابها لأسرة ثرية أو نبيلة أو ذات نفوذ وثروة، اختارها يتيمة الأم لتتحمل مسؤولية نفسها ومسؤولية أسرتها، ومع ذلك كان بداخل هيكارو فيض كبير من الحنان والحب والاحتواء استطاع أن ينقذ غريبًا وجريحًا مثل دايسكي وأن يعيد إليه جمال الحياة.
هيكارو لم يكتبها المؤلف لتكون فتاة هشة، ضعيفة، مستسلمة، تلعب دومًا دور الضحية، أو تنال شفقة من حولها، اختارها لتصارع الدنيا لتثبت وجودها، جعلها تعاني لتحقق رغبتها وتقوم بدورها لحماية وطنها، اختار لها أن تواجه رفض والدها ومجتمعها لتعبر عن حبها، اختار لها صراعًا مؤلمًا مع حبيبها الذي حاول أن يحول بينها وبين حلمها بدافع الخوف المفرط عليها، اختار لها أن تتدرب وتفشل مرارًا وتخطئ ليكون لنجاحها معنى وقيمة، وليظهر إصرارها وإرادتها وقوتها الداخلية.
هيكارو صمدت أمام كل محاولات التهميش لإرضاء الجمهور المتعطش لفتاة باهرة الجمال، ناعمة كالحرير، يفيض وجهها بالأنوثة، وتنال بجمالها ما تريد، الجمهور المتعطش لفتاة خارقة تنجح وتثبت نفسها دون عناء.
صمدت هيكارو حتى في أعمال المعجبين والهواة، وأثبتت دورها وقيمتها ليس في حياتها وحياة أسرتها فقط، بل في حياة حبيبها نفسه، كل من حاول انتزاعها من حياة دايسكي وإرغام قلبه على حب غيرها – كل من فعل ذلك انتهى به المطاف لتدمير دايسكي بالفعل، الأعمال التي انتزعت هيكارو من حياته وأبعدته عنها حولته لإنسان ضعيف، مضطرب، قابل لفقدان السيطرة، بل والتحول لسفاح وآثم، وحدها الأعمال الأصلية التي حافظت على وجودها إلى جانبه استطاعت تصوير دايسكي كبطل يستحق التقدير والاحترام، بطل شهم، شجاع، مرهف، حزين لكن حزنه مفهوم ومؤثر وموجع، وليس حزنًا رخيصًا.
هيكارو كانت رمانة الميزان لشخصية دايسكي، كانت بالفعل مثال الحبيبة الحقيقية التي تجعل من رجلها رجلًا بحق.
تساءلت عن سبب رسمها بصورة فتاة صغيرة في فيلم جاتايجر رغم معاملتها في الأحداث على أنها فتاة في عمر الحب لا طفلة، كان هذا رمزًا للطريقة التي يراها بها دايسكي والتي أثرت عليه وأحيت مشاعره، كانت له الحبيبة التي يسعد باحتوائها، يخاف عليها، يأنس بها، يدللها كابنته، وينظر لها نظرة محب صادق لا عاشق مهووس.
هذبت هيكارو مشاعر دايسكي وساعدت في تطويره بحق، صادقته وآنسته وأحبته وغازلته وصارعت لأجل حبها له، قاومت خوفه، وأنقذته مرارًا متسلحة بقوة الحب، وحاربت بجانبه، وضحت بحبها له في النهاية لتمنحه الحرية ليحقق حلمه وواجبه.
ظهرت كامرأة قوية وهي لا تزال فتاة لم تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها، ظهرت كامرأة ناضجة، دافئة المشاعر، تحمل بين ضلوعها قلبًا يفيض بحب قادر على الصمود والتدفق حتى من بعبد النجوم والمجرات.
انتهت قصتها مع دايسكي بتماسكها ودموعها الحبيسة وقلبها المكلوم، انتهت وصورتها تملأ الفضاء، وكأنها هي النور والإشراق في حياة الأمير المكلوم كما يشير اسمها، نور وإشراق يبلغه حتى لو ابتعد عنها وفرقتهما المسافات، دايسكي الصامت الكتوم كان يدرك حبها، ويبادلها حبًا بحب، وهي تفهم تعبيراته وأسلوبه.
قالت لي إحدى المتابعات يومًا في نقاش: لماذا يعاملها بطريقة تختلف عن طريقة تعامله مع غيرها من الفتيات الآتيات من الفضاء؟ فأجبتها لأن الحب يوجد الاختلاف، إن تساوت فتيات الفضاء واختلفت عنهن هيكارو فلأن لها المكانة الخاصة، هذا رغم تحفظي الشديد على من يدخل فتيات كميناو وكيركا في هذه المقارنات.
ستظل هيكارو ماكيبا مضيئة ومشرقة وساطعة كاسمها، فتاة ليست مثالية كحال كل فتيات الأرض والكون بأسرة، ستظل الجمال الناقص ونقصانه سر جماله وروعته، ستظل هي الحب والحنان والدعم والإلهام، ستظل رمز الشجاعة والإصرار والتمرد المحمود، ستظل رمزًا لتحرير المرأة وتمكينها من تقديم شيء أكبر من الطعام والشراب وهو: الحب، والدعم، والمساندة، والإيمان.