حين نحاول جمع المحتوى الذي ينشره عشاق ومحبي الأميرة روبينا سواء كان مكتوبًا أو على هيئة صور أو تصميمات أو حتى مقاطع فيديو فإننا سنلاحظ:
النقص الشديد في المعلومات حول شخصية الأميرة العاشقة، تكاد تقتصر المعلومات المتوفرة عنها على كونها ابنة فيجا الكبير، جميلة يميزها شعرها الأحمر المشتق من اسمها أو العكس، ولا يصنع ذلك فارقًا كبيرًا، تعشق دايسكي بجنون، كانت طرفًا في زيجة سياسية ومؤامرة من أبيها، كادت أن تزف لدوق أملًا في تحقيق السلام واتقاء شر فيجا، تظن بأن دايسكي قد مات منذ سنوات، تحكم كوكب روبي باسم أبيها، تشتعل ثورة في كوكب روبي فتتركه وراءها بعد أن تبلغها أخبار عن دوق وأنه على قيد الحياة، تملك معلومتين غاية في الخطورة هما: عودة كوكب فليد للحياة، ومكان قاعدة الجمجمة، ولا يوجد أكثر من ذلك، يضيف عشاقها أن لقبها هو. “الوردة الجورية” وهو حتى لو تغاضينا عن كونه تحريفًا غير مقصود في الدوبلاج إلا أنه ليس لقبًا بالأساس، هو مجرد وصف وصفها به دايسكي ردًا عن سؤال لا يجاب عليه بمثل هذا الجواب، وخلاصًا من مأزق وضعته فيه الأميرة.
إذن الجمهور لا يعرف شيئًا عن الأميرة، ولا يدري بعلاقتها السابقة بدايسكي، وهو مفتون بجمالها، وبالتالي يتعطش لمعرفة المزيد عنها، ولهذا يستعيض بالخيال عله يريحه، وهذا يقودنا للملاحظة الثانية:
في الرسومات والتصميمات يحاول جمهور روبينا بلا وعي تشبيه الأميرة الفيجارية بهيكارو وإكسابها صفات أرضية، فيدمنون على رسمها مع الخيل مثلًا، بالمناسبة تبدو هذه الرسمات مصطنعة جدًا لأن ثياب الأميرة لا تنطبق على فارسه ولا حتى فتاة مزرعة كهيكارو في بداية القصة، لكن هذا الإسقاط جاء من إدراك هؤلاء بشكل غير واعي لطريقة تصوير علاقة دايسكي بهيكارو ولقطات الحب بينهما والتي جمعت الخيول في الغالب، أضف لذلك ثناء دايسكي على مظهر هيكارو على الخيل مثلًا، لذلك يسعون جاهدين لرسم روبينا في وضع مشابه علهم يشعرون بأن دايسكي يحبها أو قد يحبها، يحاولون وضعها في قالب محبوبته التي صورتها القصة.
الملاحظة الثالثة: الزي، رسخ في لا وعي عشاق روبينا دون أن يشعروا أن دايسكي لم يحمل لها أي مشاعر أو ذكريات عطرة في السلم، ولأنهم بنوا كل أحلامهم وخيالاتهم على مشهدي لقاؤه بها وقد كان بزيه العسكري – لهذا أعادوا رسمه معها كثيرًا في مشاهد رومانسية وعاطفية وهو بزيه العسكري وهي كذلك، وهذا بالطبع غير منطقي ولا يمكن أن يصدر من عقل فنان واعي يحاول نسج قصة خيالية، رسموا ذكريات لدايسكي مع روبينا وهي جالسة خلفه على دراجته وكلاهما بالزي العسكري مثلًا، خيال غير سليم بالمرة، فدايسكي الأمير في فليد لم يكن ليصحب حبيبته على دراجة نارية، هذا لا يليق بحياة الأمراء عكس اصطحابه الدائم لهيكارو في دراجته على الأرض، وفي حين رسمت هيكارو كالأميرة وهي جالسة بهدوء في دراجة دايسكي فقد رسموا هم روبينا تجلس خلفه وتتمسك بطريقة صبيانية ولا تمت للأرستقراطية بصلة، يرسمون دايسكي يعزف على القيثارة لروبينا بزيه العسكري كذلك في كادر لا يصدقه عقل ولا ينبع من روح فنان صاحب فكر وحس درامي.
إن ظهور دايسكي بالزي العسكري مع روبينا في ذكرياته أيضًا غير مقبول دراميًا، لأن فليد كان كوكبًا مسالمًا، ولم يكن دايسكي يعيش فيه كمحارب، وإن كان قد أحب روبينا فليس من المعقول أن يذكر ما حدث بينه وبينها وهو بهذا الزي، كما أن كتاب السيناريو حين أوردوا ذكرى القارب تعمدوا إظهار دايسكي بلباس مدني وليس عسكري، هذا إن دل على شيء فيدل على أن هؤلاء استقوا رسوماتهم وأفكارهم من مصدر خاطئ، فدايسكي على الأرض واجه روبينا مرتين كمحارب، تشكك بها، صدها، لم يبادلها مشاعرها، لامها واتهمها بخديعته مرتين، لم يظهر لها ملامحه إلا وقت احتضارها احترامًا لتلك اللحظة وشكرًا منه لتعريض نفسها للخطر لحمايته بعد أن .. وهذه وقفة بالغة الأهمية: بعد أن علق في شعاع العنكبوت وبقيت هي بلا حراك فهتف بها:”هل هذه من الثقة؟ أنت خدعتني، كنت مجنونًا حين وثقت بك” فردت عليه: “لا، ليس كذلك، سأنقذك”
الملاحظة الرابعة هي عبوس وجه دايسكي وعدم التقاء عينيه بعيني روبينا بشكل مباشر أو طويل، يظهر خلفها وهو عابس يطوق كتفها مثلًا، يظهر وهو يقود دراجته وهي خلفه، يظهر وهو مستلق على الأرض وقد أسند رأسه لحجرها وراح يطالع كتابًا، هذا ما رسخ في لا وعي الجميع، دايسكي رغم جمال روبينا وفتنتها الطاغية لم يقع في الفخ، كان يصدها بحزم، ذراعه ممدودة بطولها، راحته مفرودة في وجهها، وحهه عابس ومتجهم، متشكك ويبحث عن الثقة وفي كل مرة يشعر أنه ارتكب خطأ بمنحها الفرصة لإثبات صدق نواياها.
الآن الملاحظة الخامسة والأخطر على الإطلاق: يختصر هؤلاء القصة في مشهد موت روبينا، يتعاملون معه كمشهد مجرد، والرد عليهم قائم: دايسكي من خلال معرفتنا به على مدار ٧٢ حلقة هو إنسان عاطفي ويشعر بالذنب ويتأثر بالموت ويسامح حتى أبعد مدى، سامح ميناو التي عزمت على قتله، أنقذ جوس الذي صمم على قتله وكان يلهو بمصير هيكارو التي دافعت عنه ببسالة والذي كاد أن يهزمه، وثق بالقائد يارا وحزن على موته لأنه صدق كلماته حين قال له أنه يكره الحرب وان أهله ماتوا في الحرب، حزن على نايدا وموروس، كان على استعداد لمنح ابن زوريل الفرصة ليهرب ويلحق بوالده دون قتال، حزن لموت ابن زوريل، حزن على المغوار هاروك وقال فقدنا شخصية ممتازة، تفهم معاناة كيركا وحارب بشراسة انتقامًا لها رغم أنها وقفت تهدده بالموت هو وماريا التي وقفت تفديه بحياتها، دايسكي بكى على أطفال فيجا ولام نفسه لأنه شحن المسدس فتسبب بموتهم، بعد كل هذا هل يعقل أن يضحك دايسكي مثلًا وهو يرى احتضار الأميرة؟! بل وهو يسمعها تفشي له بسر والدها ليثق بها؟! دايسكي حزن على الأميرة وأشفق عليها وكان يعلم بأنها تحبه وهو لا يستطيع منحها ما تريد، دايسكي خاف مما هو آت بعد موتها، موت روبينا كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وكانت ذروة الأحداث لا أهمها، ولو لم تكن ابنة فيجا، ولو لم تفش بمكان القاعدة، ولو لم تكن تحبه لما حل بدايسكي ما حل به.
والأهم من ذلك أن دايسكي لم يحزن وحده، الكل كان حزينًا وهذا ينفي الخصوصية في حزنه عليها، لكن كل شخصية حزنت بأسلوبها وبحجم معرفتها ومعاناتها، رأينا هيكارو هي الأشد حزنًا بعد دايسكي ثم ماريا وأخيرًا كوجي، ثم رأينا كيف تعايش دايسكي بعد موت روبينا وماذا قرر، وهنا نجد تفسيرًا دراميًا لما حدث.
عشاق روبينا يختزلون القصة في مشهد ويسيؤون قراءته، وينسون الثوابت الدرامية التي لا يخالفهم فيها أحد:
كانت جميلة، نعم جميلة المظهر لتمتحن دايسكي وتمتحننا ولكي تصنع مفارقة درامية تثير الجدل، لو كانت قبيحة لما وجد الجمهور صعوبة في قبول فكرة الزيجة السياسية وأن دايسكي كان مضطرًا للزواج منها ومكرهًا عليه وكان يؤدي واجبه ويضحي بحياته القادمة، ولما استصعب على الجمهور أن يفهم نظرة دايسكي الحائرة في البحيرة حتى رآى الورود فقال جملته.
جاءت بعرض سلام، نعم لكن ليست كل عروض السلام منصفة ومقبولة وقابلة للتصديق، وعرضها كان مثار جدل يمكن أن يتناقش فيه الناضجون بثقافة وفكر ورقي دون أن يستخدم أحدهم تلك الورقة كالاطفال فيقول لنا: “لكنها جميلة” وما دخل الجمال بذلك؟
روبينا كانت تحب دوق، نعم كانت تحبه، بل وتعشقه بجنون، لكن من أين أتيت يا عزيزي بالقناعة المطلقة لعشقه لها وأنها حبه الوحيد والأخير والأبدي؟ ألأنه بكى موتها وانهار في ذروة الأحداث مثلًا؟ يسألنا جمهور روبينا عن هيكارو كأنها ماتت فتبسم دايسكي ونفض كفيه ورحل، دايسكي قدم لهيكارو في حياتها أضعاف ما قدمه لروبينا لغظيًا وفعليًا، دايسكي الذي أجاب روبينا: “الحقيقة أنت جميلة كالوردة” وهي تسأله عن شعوره لم يعجز أن يقول لهيكارو: “لا شيء يسعدني أكثر من قلبك الحار” ليعبر فعلًا عن شعوره لا ليهرب بإطراء مفرغ عن مظهرها، وهو ذاته قال لها في نقطة مبكرة في القصة: “أريد ذلك هيكارو، لا تغسريها هكذا” حين اتهمته بأنه قد ألغى تدريب الخيول لكونه لا يريد الخروج معها ومصادقتها، ولم تكن تعرف بحقيقته بعد ولم تدرك احتياجه للبقاء بسبب تغير لون القمر، هو ذاته أيضًا الذي وقف أمام نايدا صامتًا وهي تقول: “أحببتك حتى ذلك اليوم” وتجمد في مكانه وميناو تلقي بنفسها بين ذراعيه، فلا هو عبر عن مشاعره لفظيًا لأي منهن باستثناء هيكارو، وعن الأفعال حدث ولا حرج.
إذن نعود لنقول هي تحبه وتعشقه، وبالنسبة له فالأمر مختلف، وعبارته المبتورة: “لو ام نكن في حرب مع الكوكب فيجا لكنت أنا وروبينا…” ماذا دايسكي؟ عاشقان أم زوجان؟ حسب القصة زوجان لتوطيد السلام، لكن الحرب اشتعلت والسلام ذهب مهب الريح ولم نصبح زوجين، ولو افترضنا مجرد افتراض أنه الآخر كان يكن لها بعض الحب فيما مضى، فإننا كناضجين نعرف أن المرء قد يحب ويتخذ قراره بالانسحاب وإنهاء الارتباط، أو أن يتوجب عليه قبول قرار الطرف الآخر بالانسحاب، أو قبول قرار الظروف والقدر بإنهاء هذا الارتباط، وقد يحب مرة ثانية وثالثة ورابعة، وقد يرتبط ويفشل أو ينجح، ويعيد التجربة، وهو قد حمل حبًا في كل التجارب، ويبقى الكل قادرًا على قولها: “لكنا روجان” أو لكنا معًا” ويظل الأرقى أخلاقًا يحمل للآخر بعضًا من الاحترام والتقدير والعطف، وهذا ما أوردته القصة.
المنشور طويل لكن آمل أن ينال إعجابكم!
اترك تعليقًا