في نوفمبر 2023 عرض الموقع الرسمي لجريندايزر يو عددًا غير قليل من الشخصيات في العمل، وكان من بينها التوأمتان روبينا وتيرونا فيجا، وقد أثار وجود التوأمتان عددًا من التساؤلات بين الجمهور، خاصة وأن الأميرة تيرونا عرضت في الفيلم التمهيدي جاتايجر وتميزت بشعرها الأشقر، في حين عرضت باسم الأميرة روبينا في مسلسل السبعينات مغامرات الفضاء جريندايزر UFO Robot Grendizer وامتازت بشعرها الأحمر، واختلفت ملامح الشخصيتين، لكن في السيناريو الجديد تم عكس الأسماء لدرجة أن يستخدم الجمهور وصف تيرونا الشقراء وتيرونا الحمراء مثلًا للتمييز بين الاثنتين في النقاشات.
في هذا الموضوع نحاول كشف خيوط هذا اللغز، ورغم ما تحدثنا عنه من قبل حول احتمالية تعرض سيناريو جريندايزر يو للتحريف المتعمد لإرضاء أهواء شخصية، وقدمنا ذلك بالشواهد والتساؤلات التي بحاجة لإجابة لتبرئة سيتاريو العمل من هذا التحريف، مع ذلك نجد أن بإمكاننا في هذا الموضوع أن نعود لنقطة البداية في هذا السيناريو، وأن نركز على نقطة تمت صياغتها قبل نقطة التحول التي تحدثنا عنها في الموضوع السابق، ومن خلالها نستطيع فهم السبب وراء هذا الدمج والتفكيك.
فكرة التوأمتان
ذكر كاتب السيناريو في مقابلة صحفية تم نشرها بعد بث الحلقة 11 من العمل – ذكر أن وجود ابنتي فيجا هو رغبة المدير العام للعمل السيد فوكودا، إذن الطلب واضح، نريد الاثنتين وقم أنت بصياغة الحبكة، لقد اختار السيناريست :
- جعل الأختين توأمتين غير متماثلتين.
- اختار عكس أسماء الشخصيات مع لون الشعر.
- اختار أن تكون شخصية الأختين مختلفة على نحو متطرف.
- اختار أن يكون لكلتيهما دور عسكري.
وفي مرحلة متقدمة تم تكليف ممثلة واحدة لأداء صوت الأختين.
هذه الخلطة تجعلنا أمام تفسير واحد لا ثان له، وهو أن السيناريست أراد تصوير ابنة فيجا من الداخل والخارج على نحو ملموس، بمعنى أن تلعب إحدى الشخصيتين دور الصورة الخارجية، وتلعب الأخرى دور الجوهر، فالفتاة إما ناعمة من الخارج، رقيقة ومهذبة، ولكنها تنطوي على شر كبير وصرامة وخشونة في قلبها، أو أنها صلبة وجافة من الخارج، وبداخلها قلب نقي وهش.
ابنة فيجا ما بين الظاهر والباطن
لو حاولنا عزل الأفكار التي لا حاجة لها وركزنا على التالي فسيكون بإمكاننا الخروج بفكرة واضحة:
- الأختين تحبان دوق يو.
- دوق يو أحب الفتاة الجميلة اللينة وخطبها.
- دوق وافق على الزواج من الفتاة الجميلة ولكنه خدع بأختها التي انتحلت هيئتها.
- عرض الزواج الذي قدمته الفتاة الجميلة لم يكن منطقيًا لحل أي مشكلة من الأساس في القصة، فكوكب فليد وكوكب فيجا تحميهما معاهدة سلام تنص على عدم مغادرة جريندايزر لفليد، ودوق متهم باستخدام جريندايزر وقتل والديه وتدمير كوكبه، وهو يعلم أن كاسادو دبر الأمر، لكن روبينا وتبرونا كانتا في سماء فليد وقتها في مصادفة غريبة خاصة وأن تيرونا كانت داخل مركبتها وكأنها في حالة استعداد وترقب، وخرج دايزر عن السيطرة وحطم مركبة روبينا، وظنها دوق قد قتلت.
- لكن يظهر بعد ذلك أن روبينا حية، وأنها تعتبر دوق عدوها وعدو تيرونا، ثم تتهم تيرونا دوق بقتل روبينا وهو لا يلومها على تدليسها رغم علمه بأن خطيبته حية، وتحاول تيرونا أخذ دايزر، بأي حق يكون لسلطة فيجا أن تأخذ دايزر من الأرض؟ وما دخل الأرض من الأساس؟ إن كان جريندايزر قد غادر فليد فالطريق مفتوحة أمام قوات فيجا لتحتل فليد، مع ذلك تجاهل السيناريو ذلك، فلا فليد استعمر، ولا هو دمر كما ظن دوق، لأن ماريا أتت منه سليمة معافاة، ولا روبينا ماتت، ولا شيء يستدعي بقاء دوق على الأرض، فليخرج للفضاء متجهًا صوب فليد وينهي أموره مع قوات فيجا هناك.
هنا نسأل: ما الذي سيحدث لو تزوج دوق وروبينا؟ هل ستثبت براءته؟ هل ستعقد اتفاقية جديدة؟ هل سيتحرر فليد إن كان قد استعمر أصلًا؟ هل ستنطفئ أطماع وأحقاد فيجا لنيل جريندايزر؟ وإذا كان كذلك، فما الدافع لخوف تيرونا من هذا الزواج؟ هنا نصل لإجابة السؤال الذي طرحناه بداية: أي الفتاتين تمثل المظهر وأيهما الجوهر؟ ونضيف له سؤال غاية في الأهمية: هل ثمة علاقة بين ذلك وبين جريندايزر السبعينات؟
تيرونا وروبينا وجريندايزر السبعينات
روبينا وتيرونا فتاة واحدة، فتاة لها ثلاث سمات هامة: ابنة فيجا الكبير، أميرة تحتل منصب عسكري، مهووسة بأمير فليد، لكن هذه الفتاة تظهر الجمال والنعومة والرقة وتحاول نيل حبيبها دون أي صالح لكوكبها أو كوكبه، لكنها تتذرع بأفكار نبيلة، في داخل تلك الفتاة يكمن الغدر والإيمان بمبدأ أساسه الغاية تبرر الوسيلة، ولا يوجد لديها أي مانع من نيل حبيبها بالغدر والخداع، المهم أن تحصل عليه، وهي بداخلها قوية وشرسة ووحشية، ولن تتردد في إيذاء من يعاديها ويقف في وجه طموحها، يساورها شعور بالنبذ من وقت لآخر إما بسبب شخصيتها السيئة أو نسبها لفيجا.
روبينا كانت الصورة الخارجية، القشرة الجميلة لوريثة العرش، صاحبة عرض الزواج الناعم، العاشقة المتيمة، الفتاة الجميلة التي جاءت لفليد في السبعينات بتخطيط من الملك فليد لتكون عروسًا لابنه الشاب، والفتاة التي شبهها دوق بأنها جميلة كالوردة، وهي ذاتها الفتاة التي بكاها بعد موتها وهو يشعر بالذنب لأنها تلقت ضربة الموت بدلًا منه.
لكن تيرونا كانت ابنة فيجا الحقيقية، كانت الجوهر الخشن المتستر وراء الجمال، كانت حاكمة روبي في جريندايزر السبعينات، وهي من قال عنها فيجا باعتداد: “روبينا ستقمع التمرد بالتأكيد”، هي ذاتها الفتاة التي أشهرت مسدسها في وجه زوريل دون أن يطرف لها جفن، والفتاة التي عرضت كوكب فليد على والدها بتبجح، والفتاة التي التقت دوق وعرضت عليه التحالف والعودة لفليد بخسة دون أن تخبره بالحقيقة كاملة، لقد كانت هنا تتستر وراء جمالها وتخفي عنه أن والدها قريب، وأنه لن يتنازل عن الأرض، وأنها عرضت عليه فليد وكأنه تركة تملكها وتوزعها كيفما تشاء، وأخفت عنه أن والدها جردها من سلطانها ليصبح وزيره صاحب الحق في التصرف فيها، لقد كانت تتبع مبدأ الخديعة، بالضبط كما انتحلت تيرونا يو صورة روبينا يو في ليلة الزفاف.، وكانت الفتاة التي أفشت سر والدها لحظة الموت، والفتاة التي طلبت من دوق أن يسمي أول وردة باسمها، لأنها تريد أن يذكرها لإيمانها في أعماقها أنه لا يحبها هي، بالضبط كما وقفت تيرونا يو بتبجح تتهم دوق يو بالخيانة وأنه لن يتمكن من الزواج بأختها.
قد يبدو هذا جميلًا وبداية قد تقود لقصة جيدة لكن المشكلة التي جعلت سيناريو جريندايزر يو ضعيفًا رغم كل ذلك هو:
- التركيز على الحلقة 72 فقط من مسلسل السبعينات مما جعل أفق السيناريو محدود.
- تلاعب الأهواء الشخصية بسيناريو العنل.
- التركيز على مثلث الحب والابتعاد عن جوهر العمل الأصلي وطابعه.
- تفكك السيناريو وعدم ترابط أفكاره.
- عدم وجود ردود أفعال منطقية من دوق يو تجاه ما يحدث.
- عدم تفعيل أدوار الشخصيات الأخرى.
في النهاية جريندايزر يو كان من الممكن أن ينجح لو أن فريق العمل فيه كان أكثر انفتاحًا ونضجًا، وأقل تحيزًا، وأكثر احترامًا للعمل الأيقوني الذي يعيدون تقديمه للجمهور في ذكراه الخمسين.
اترك تعليقًا