طلبت مني إحدى الصديقات مرة الكتابة عن نايدا بارون من منظور نايدا وليس من المنظور العام للأحداث، هذه المرة منشور حصري من نفس المنظور إهداء لصديقة جميلة وراقية ولمحبي روبينا، أكتب لكم بمنظور روبينا، لهذا ستجدون فرقًا كبيرًا بين هذا الموضوع وبين منشورات #روبينا_تحت_المجهر والتي تضع روبينا تحت مجهر صادق لتقييم أحداث حلقتها من المنظور العام، لنبدأ!
روبينا هي الابنة الوحيدة لفيجا الكبير، أميرة نشأت في بلاط فيجا ووسط رجاله ولا يوجد ما يشير أو ينفي هذه الحقيقة لكن دعونا نتحدث عن الوضع الطبيعي للأميرة، نشأت روبينا يتبمة الأم، وكان والدها يطمح لتكوين إمبراطورية كبيرة لكنها كانت صغيرة السن وليس من المفترض أن نظامها القيمي قد اكتمل بعد في ذلك الوقت، كانت جميلة وربما ورثت جمال أمها التي حرمت منها، لم تكن تشبه والدها في ملامحه وربما عبث فيجا في هيئته بتقنياته العلمية شأنه شأن دانتوس وهو من أشرس وأخلص رجاله، كانت روبينا وحيدة وقريبة من قلب والدها، وعلى الأغلب كانت مدللة وهذا طبيعي لأميرة في وضعها الاجتماعي، كانت محبوبة من الكل ولاهية إلى حد كبير، قبل أن تبلغ روبينا العشرين من عمرها أرسلها والدها للعيش بكوكب فليد ونزلت ضيفة لها حيثيتها ومكانتها في بلاط الملك فليد وهناك تعرفت على دوق.
كانت روبينا كالوردة التي تتفتح عاطفيًا في ذلك الوقت، وقد جمعها القدر بأمير شاب في مثل عمرها هو دوق، تأثرت روبينا بدوق كثيرًا وانجذبت إليه، تحركت مشاعرها نحوه وكان لها حبًا أولًا يشعرها بالسعادة، أحبت هدوءه ورومانسيته، فدوق الذي نشأ في كوكب ذو توجه سلمي كان لروبينا كالنبع الصافي الذي يحمل السعادة الحقيقية في أجمل صورها، أحبت الأمير وكان هو يحسن ضيافتها وإكرامها.
عرفت الأميرة أن إرسالها لفليد كان لزفها عروسًا للأمير الشاب فطرب قلبها الفتي، عاشت فترة من عمرها تفكر بهذه الزيجة الجميلة، تمنت أن تعيش قريبة من هذا القلب الهادئ، في يوم صحبها هو في نزهة بالقارب في البحيرة، كانت الأجواء ربيعية، الطقس جميل والزهور متفتحة، أنزلها في القارب وجلس أمامها، جذف بالقارب حتى وصل به لوسط البحيرة ثم وضع المجذاف جانبًا واستلم قيثارته، جلس يعزف أمامها، أغمض عينيه، جلست تتأمله بصمت، كان قلبها يدق مع نغماته الهادئة، شملها شعور جميل ورقيق بالحب، قدرت أنه مثلها يشعر بما تشعر به، تدفقت مشاعرها وقررت أخيرًا أن تشاركه حلمها، سألته بحب ودلال:
– بماذا تفكر أن أبي أرسلني إلى كوكب فليد؟
رد عليها بعذوبة وهو يطرف بعينيه الزرقاوتين:
– فيجا الكبير! لماذا؟
شعرت في هدوء نبراته بأنه يحمل لها حبًا يعادل حبها، وجدت أنها لحظة مناسبة لتصارحه بمشاعرها:
– يقولون أنه فعل ذلك ليجعلني عروسك؟
توقعت روبينا أن ترى الفرحة بعينيه، توقعت أن تسمع تأكيدًا لمشاعره نحوها لكنه أجابها بنبرة لم تفهمها:
– لا، مستحيل.
شعر قلبها بالألم ينغرس فيه، شعرت أنه يكذب مشاعرها لا ما أخبرته به، وجدت نفسها تلوثه بعفوية:
– أنت لا تصدقني أنت لا تحبني!
كانت حزينة، تمنت أن تسمع منه شيئًا آخر لكنه يكذب حتى مشاعرها، لكن دوق استطرد:
– روبينا لم أقصد هذا إنما..
هنا بدأت تلتقط أنفاسها، دوق يحبها حتمًا لكنه لا يعتقد بصدق نية والدها، هو على حق فالعلاقة بين فيجا الكبير والملك فليد متوترة نوعًا، مؤكد أن هذا هو السبب الذي دفع دوق لرفض ما تخبره به، لهذا استجمعت شجاعتها، قاطعت تردده وهي تنظر نحوه بعينين تفيضان حبًا وبوجه باسم:
– إذن كيف تشعر وأنا إلي جوارك؟
صمت دوق للحظات، أشاح ببصره عنها، شعرت أنه يهرب من نظراتها الفياضة، اقتربت منه أكثر تنتظر جوابه فرد عليها:
– الحقيقة.. أنت جميلة كالوردة!
غمرت روبينا السعادة، دوق يغازلها وهذا دليل على جمال مشاعره تجاهها، تمنت روبينا أن يصدق والدها في نيته، تمنت أن تزف لدوق، لا يهم متى؛ المهم هو أن دوق مثلها، هو أيضًا يشعر بقلبها، يراها بعينيه جميلة كالوردة، فرح القلب الشاب بهذا العزل ونسج حوله الكثير من الأحلام لكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن للأسف.
قبل أن تتم الزيجة بفترة غادرت روبينا كوكب فليد نزولًا عند رغبة والدها، وخلال إقامتها في كوكب فيجا هاجمت قوات فيجا كوكب فليد، تلقت روبينا الأخبار السيئة دفعة واحدة وبلغها موت دوق في المعركة، بكت كما لم تبك من قبل، ذبل جمالها وبقيت وحيدة غرفتها، لم تعرف ماذا يجب عليها أن تفعل، برر لها والدها ما جدث بأن الحرب سنة طبيعية في الحياة وأنها موجودة منذ بدء الخليقة، قال لها أن إمبراطوريته بحاجة لأن تنهض، قال لها أنه بحاجة للموارد، قال أن كوكب فليد بما يملكه من ثروات كان عقبة في طريقه لرفضه سياسته العسكرية، قال لها أنه لم يقصد مقتل دوق لكن هذا ما حدث.
شيئًا فشيئًا خرجت الأميرة الشابة من عزلتها، طلب منها والدها أن تتهيأ للقيام بدورها في الإمبراطورية كوريثة للعرش، عرض عليها أن تغادر لكوكب روبي وأن تحكم هناك باسمه، وافقت روبينا لتكون بعيدة عن بلاط والدها، لم تنس روبينا أن حرب والدها قد أفقدتها حب عمرها، ووقعت تحت ضغط الواجب، كان فيجا أقوى من أن تقف في وجهه معارضة سياسته، وكانت هي أصغر عمرًا من أن تفعل.
مرت السنين وروبينا تحمل بين ضلوعها قلبًا ينزف على حبها القديم، حاولت نسيان دوق فلم تنجح، حاولت تقبل الحياة بدونه، عاشت على قدر الذكريات التي تجمعها به، كانت تستعيد كلماته لها كل ليلة، في كل مرة كانت تضيف لشعورها بهذه الكلمات شعورًا جديدًا، أخيرًا بدأت روبينا تشعر بحب دوق لها يزداد يومًا بعد يوم، تحلم به كل ليلة، تتمنى لو كان بإمكانها العودة بالزمن لما قبل الحرب لكن ما باليد حيلة.
بعد ثمان سنوات بدأت الثورات تشتعل في كوكب روبي، نشطت المقاومة وتداعت الأخبار، كانت روبينا تعرف بدمار كوكب فيجا وتعرف بأن والدها انتقل بما بقي له من قوات نحو جمجمة القمر لكن ما بلغ روبينا مؤخرًا قد قلب الأمور رأسًا على عقب، ففي محاولة روبينا للسيطرة على الأوضاع في كوكب روبي نما إلى مسامعها أخبار الصراع الذي يخوضه والدها على الأرض، سمعت باسم عدو الإمبراطورية الشرس اليوم، عرفت أن جريندايزر على الأرض، حاولت أن تجمع المعلومات عمن يقوده فعرفت الحقيقة التي أخفاها والدها لسنوات:هاجمت قوات فيجا كوكب فليد وتسببت بقتل الملك والملكة، وانهالت قنابل الفيجاترون على الكوكب المسالم فلوثته وأفنت الحياة على سطحه، لكن دوق لم يقتل كما أخبرها والدها، لقد هرب بجريندايزر إلى الأرض، وها هو والدها يطارده منذ سنوات بشراسة، لم يقتل دوق لكن والدها مصر على قتله، فيجا الكبير يريد من الكذبة أن تغدو حقيقة، تفجرت آلام روبينا، شملها الغضب من والدها، احترقت شوقًا لرؤية دوق والتثبت من حياته، حدثت نفسها بأنه أيضًا يتمنى رؤيتها، كانت متأكدة من أنه مثلها قد عاش وفيًا لمشاعره تجاهها، لهذا اتخذت روبينا قرارها وغادرت كوكب روبي.
انطلقت روبينا صوب قاعدة الجمجمة في طريقها للأرض، تفاجأت برؤية كوكب فليد، غمرها الشوق للماضي الجميل، فهناك عرفت دوق وهناك دق قلبها لأول مرة، عرفت من خلال أجهزتها المتطورة أن إشعاعات فيجاترون التي غلفت كوكب فليد قد ضعفت، تنهدت وهي تقول:
– هذا الشعاع يثبت أن إشعاعات فيجاترون قد ضعفت.. كوكب فليد يعود للحياة!
شعرت روبينا أن في عودة فليد للحياة إشارة لأمل جديد وعودة لحبها الذي حرمت منه سنين طويلة، التقطت صورة لفليد دون أن تعرف بما ستفيدها لكنها فعلت ذلك، فاجأها اتصال والدها الغاضب:
– روبينا، لماذا تركت كوكب روبي؟ من واجبك أن تسكتي في هذا الكوكب.
لم تتمالك الأميرة نفسها، انفجر غضبها بطريقة أرستقراطية، صارحت والدها الغاضب بقوة بسبب مغادرتها:
– غادرت الكوكب روبي لأنك خدعتني وأنا لا أقبل الخديعة يا أبي.
كان فيجا الكبير يجني ثمار تربيته الصارمة لروبينا، فقد جعل من الفتاة الرقيقة جذعًا صلبًا يصمد في وجه الريح وها هي تتحداه اليوم وتصارحه بمعرفتها لخديعته لها، سألتها مستنكرًا:
– أنا خدعتك يا روبينا؟
– سمعت وأنا على الكوكب روبي بأن دوق فليد حي، أليس هذا صحيحًا؟
كانت روبينا تصارح والدها لتتثبت من صدق ما بلغها من أخبار ومعلومات وكانت تتمنى أن تسمع ما يؤكد معلوماتها لكن فيجا الكبير رد بكلمة واحدة:”ماذا؟” وأنهى الاتصال، كانت هذه الكلمة كافية لروبينا لتتأكد من صحة ما لديها لهذا أخدت تحدث نفسها: “نعم دوق فليد مازال في حيًا”
ومنذ اللحظة التي أغلقت فيها جهاز الاتصال حتى وصولها لقاعدة الجمجمة كانت هي غارقة في أحلامها ومشاعرها حتى أن اتصال فيجا بها للمرة الثانية وتحذيره لها وإخباره لها بشأن الوزير زوريل وأنها ملزمة بإطاعة أمره من الآن فصاعدًا – كل هذا لم يعد يعنيها بشيء.
أخيرًا وصلت روبينا لقاعدة الجمجمة، استاءت لرؤية الوزير زوريل في استقبالها، انحنت تعبر من أسفل ذراعه الممدودة إليها، هذا الوزير العجوز كان يفتح لها ذراعيه مرحبًا يريد ضمها إليه مما أثار اشمئزازها، توجهت لغرفتها، خلعت زيها العسكري وارتدت ثوبًا يليق بوريثة العرش، زينت شعرها الأحمر الطويل بالتاج وذهبت للقاء والدها، كان جالسًا في قاعة العرش وأمامه خارطة كبيرة للأرض وتحديدًا اليابان، قدرت روبينا بذكائها أن هذا هو موضع الصراع وبالتأكيد هو المكان الذي يمكنها أن تجد فيه دوق، حيت والدها ووقفت تتأمل الخريطة، بدأ الصراع السياسي بينها وبين والدها بقولها:
– أحسب دوق فليد على هذه الجزيرة.
أرادت أن تواجه والدها بقوة وأن تؤكد له معرفتها بحقيقة بقاء دوق فليد على قيد الحياة، رد هو على هجومها بهجوم مماثل وهو يسألها:
– ماذا تنوين أن تفعلي بالكوكب روبي؟
كان فيجا الكبير يحاول سحقها تحت ضغط الواجب، كان يحاول فرض مناقشة أخرى لصالحه بدلًا مما جاءت تناقشه فيه، لهذا ردت عليه بما بلغها من معلومات حول الصراع الدائر على الأرض، اختارت روبينا أن تقف بصف دوق فليد في مواجهة والدها:
– الناس جميعًا في كوكب روبي يريدون السلام حتى لو نالوا استقلالهم لن يحاربونا.
إلا أن مشاعر روبينا خانتها فأكملت:
– إنهم مثل بقية الناس على الأرض، أرجوكم التوقف عن مهاجمة الأرض!
لكن يبدو أن هذه الزلة قد صعدت الموقف سياسيًا لدرجة غير متوقعة، فثار فيجا الكبير هاتفًا:
– بعد خسارة الكوكب فيجا لا أمل لنا سوى احتلال الأرض.
هنا اضطربت روبينا وشعرت أنها قد وقعت في مأزق، كان عليها أن تجد حلًا يدفع والدها للتخلي عن غزو الأرض، وبالطبع لم يكن من الممكن لها أن تتراجع عن قولها وأن تطلب منه استيطان كوكب روبي فهي قد دافعت توًا عن حق سكانه في تقرير المصير لهذا قفزت الفكرة إلى ذهنها بسرعة وهي تهتف:
– لا، هناك كوكب فليد!
اندهش فيجا من قولها وردد الاسم بتلقائية فاستطردت:
– الكوكب فليد بعود للحياة دعونا نذهب إليه ونبدأ ببناء الرطن سأجتمع بدوق فليد وأتحدث معه.
كانت روبينا تتمنى أن تعود بالزمن للوراء وها هي الفرصة أمامها، كوكب فليد يعود للحياة فلماذا لا نذهب جميعًا إليه؟ وفي غمرة شوقها وحنينها للماضي تناست الحرب وما تسببت فيه، قالت أنها ستقابل دوق وتتحدث إليه فدق قلبها بعنف، صدمها رد والدها:
– لا أبدًا، لن يكون سلام دون هزيمة نلحقها بجريندايزر واحتلال الأرض.
حاولت مجادلته فهتف بعنف: “لا”، هنا شعرت روبينا بالغضب، فلازال والدها مصرًا على إراقة الدماء، هو لا يريد وطنًا هو يريد الانتقام ويريد الأرض لا غيرها، هنا خطر ببالها أن الحل يكمن في هروبها مع دوق لكوكب فليد، فإذا حدث ذلك فلن يكون هناك جدوى من محاربة فيجا للأرض، ولن يهاجم فليد ثأرًا من دوق لأنها هناك وهو يحبها ولن يخاطر بسلامتها، لهذا صممت الأميرة وانطلقت.
أسرعت لغرفتها وارتدت زيها العسكري وانطلقت صوب مركبتها الفهدة، اعترض زوريل طريقها فأشهرت مسدسها في وجهه، كانت مصرة على تحقيق خطتها مهما يكن، حذرها زوريل بأن دوق هو عدو قوات فيجا فرأت أن لا جديد فيما يقول وهذا لن يغير شيئًا في خطتها، ابتعد زوريل وقفزت هي داخل فمرة مركبتها وانطلقت صوب الأرض.
كانت تدقق في رادارها بشوق وتتساءل متى سيظهر جريندايزر وأخيرًا أتت اللحظة، أضاءت نقطة على الرادار وظهر جريندايزر أمامها فلم تتمالك نفسها، هتفت باسم دوق في جهاز الاتصال ولم تتمالك مشاعرها حبن سمعت صوته بعد كل تلك السنوات يسألها:
– من أنت؟
– الأميرة روبينا من كوكب فيجا.
قالتها بسرعة ولم تكن قادرة على السيطرة على دموعها، اغرورقت عيناها بالدموع لرؤية دوق في زيه العسكري داخل حريندايزر، أغمضت عينيها تذكر ما كان منذ سنوات، تذكرت ملامحه بعيدًا عن هذا الزي، كانت مشتاقة لكل تفاصيله، أخرجها من شرودها قوله: “انتبهي”، كانت تطير مغمضة العينين ففتحت عينيها وسحبت ذراعي طائرتها تسيطر عليها وعلى أعصابها، طارت أمام جريندايزر وهي تهتف:
– لم أحضر لأقاتل، عندي أمر مهم جئت أتحدث عنه، اتبعني!
رأته يطير خلفها فابتهجت، هو أيضًا يريد رؤيتها، هبطت بطائرتها في حقل واسع مملوء بالزهور، قفزت من طائرتها، خلعت خوذتها وأطلقت شعرها، تمنت لو أنها ترتدي زيًا يلائم هذا المكان الجميل، رأت دوق يخرج من جريندايزر، لم تصدق عيناها، كانت الفرحة بلقائه فوق احتمالها، ركضت نحوه وهي تهتف:
– دوق أردت أن أراك!
شعرت ان الكون كله يبتسم لها، نسيت السنين التي عاشتها بعيدة عنه، ركضت وهي تلوح بيدها وتسابقها في الوصول إليه، كان على بعد أمتار قليلة، تمنت أن تسقط بين ذراعيه، أن تبكي على صدره، لكن دوق فاجأها، مد ذراعه وفرد كفه في مواجهتها وهو يهتف بصرامة: “قفي”، شعرت روبينا بالخذلان، غمرها الألم والدهشة، لماذا يفعل ذلك بها؟ أتاها جوابه:
– ماذا يثبت أنك روبينا حقًا؟
لم تكن روبينا تتوقع سؤالًا كهذا، ووجدت نفسها تذكره بالموقف الذي طالما تذكرته وعاشته في أحلامها، قالت له وهي تقطف بيديها بعض زهور النانوهانا وتنفخها في الهواء لتبثها ألمها وشوقها:
– ألا تذكر يوم أعطيتني قاربًا لأركب، قلت إنني مثل الوردة.
صمت دوق قليلًا ثم سمعته يهمس:
– طبعًا تذكرت الوردة!
تنفست الصعداء، أخيرًا ستتحقق أحلامها، التفتت إليه تهتف باسمه فرد عليها بما يشبه الصدمة:
– لكن دوق فليد الماضي مات؟
اندهشت من كلماته فاستطرد:
– دوق فليد الذي ترينه الآن هو عدوك.
تذكرت كلمات ابيها وزوريل، صحيح أن دوق عدو فوات فيجا لكن ليس عدوها هي، إنه حبيبها الذي حرمت منه:
– لا يا دوق لا يمكن أن أصدق أنك عدوي.
– لكن أبي وأمي قتلتهما قوات فيجا المتحالفة!
هو محق في لومه، كيف يمكنها ان تبرر له ما حدث، حتى لو لم يكن قرارها فقد قام والدها بهذا فعلًا، أشاحت بوجهها وأغمضت عينيها بألم، كانت روبينا تعايش موقفًا لم تعايشه من قبل: رفض دوق وتشككه ولومه لها، كانت تشعر بالخذلان، كانت مشاعرها مجروحة بشدة، أجابته بانكسار:
– حين أسمع كلامك هذا لا أعرف ما أعمل إلا أن أطلب مسامحتي!
لكن دوق لم يكن رحيمًا بها فاستطرد:
– كوكب فليد قد تلوث بأشعة فيجاترون وأصبح ميتًا الآن!
هنا وجدت روبينا مخرجًاً من هذا الموقف المتأزم، لقد اختصر دوق الكثير بلومه الأخير، أخرجت صورة فليد من جيبها وهي تجيبه بسرعة:
– لا يا دوق، من سن الحظ لم يدمر الكوكب بكامله، رأيته من كوكب روبي، هذه صورة له.
تفاجأ دوق بردها وهتف باسمها مندهشًا من قولها فاقتربت منه وهي تناوله الصورة، نظر إلى الصورة وهو يهتف:
– الإشعاعات الغريبة التي أحاطت بكوكب فليد قد زالت!
فاستطردت هي:
– إشعاعات فيجاترون قد ضعفت والكوكب فليد يعود إلى الحياة.
كرر كلماتها الأخيرة ورفع عينيه للسماء كأنه يرى فليد بعينيه، اقتربت منه أكثر وهي تقول:
– دعنا نوقف هذه الحرب يا دوق ونعد معًا إلى كوكب فليد!
ظلت عينا دوق معلقة بالسماء وهو يقول:
– لكن..
قاطعته مكملة باندفاع:
– دوق إذا استمرينا في الحرب فإن الأرض بكاملها ستدمر وليس قوات فيجا وحدها، والطريقة الوحيدة التي توقف أبي عن القتال هي أن تجتمع أيدينا.
ظل على صمته فأردفت:
– أنت موافق دوق؟
لم يجب دوق بكلمة فاستطردت:
– من أجل السلام في الكون دعنا نذهب إلى كوكب فليد مغًا، دوق؟
كان واقفًا كالتمثال دون حراك، وفي لحظة هتف باسمها ومد يده يقربها إليه، انهارت على صدر زيه العسكري، كانت تشتاق لرؤية ملامحه لكنه لازال بزيه وخوذته، بدأت مشاعرها تتدفق، شعرت بأنها مغمورة بالحب، أغمضت عينيها بسعادة لكن حدث مالم تتوقعه روبينا، فقد شق شعاع قاتل الفضاء صوبهما، دفعها دوق بعنف فسقطت أرضًا وقد علقت الأزهار بشعرها الجميل، نطر لها وهو يهتف بكراهية آلمت قلبها:
– يالا الواقعة إذن كان فخًا؟!
حاولت الدفاع عن نفسها لكنه رد عليا:
– لا يمكن أن تخدعيني ثانية!
أحزنها تشككه فيها لكنها لم تكن قادرة على لومه، حاولت إثبات صدق نيتها تجاهه وهي تحذره من هجوم آخر، ركضت نحو مركبتها وقد رأت مركبة زوريل وهي تشن هجومها، حاولت التصويب باتجاه مركبة زوريل وهي تهتف آمرة:
– قف يا زوريل قف!
لكن الوزير لم يكن يأتمر بأمرها وتدخلت طائرة أخرى لحماية دوق واضطرت روبينا للانسحاب بعيدًا.
في مغرب ذلك اليوم حاولت روبينا أن تدافع عن نفسها وأن تثبت لدوق أن هذا الهجوم لم يكن مدبرًا من قبلها، حاولت أن ترسل له رسالة صوتية قالت له:”دوق إذا كنت تسمع احضر حالًا،
لم يكن قصدي ان أوقعك صدقني، سانتظر حتى تأتي” وعادت إلى الحقل وكلها أمل في قدومه، مرت الساعات ولم يحضر دوق، غفت الأميرة رغمًا عنها، لكن دوق حضر أخيرًا، كان الوقت متأخرًا وقد قارب الفجر على البزوغ، لمحت جريندايزر ومن ثم رات الأشعة تنطلق من كل جانب، لم تستوعب ما يحدث، سمعته في جهاز الاتصال:
– هل هذه من الثقة؟ أنت خدعتني، كنت مجنونًا حين وثقت بك!
شعرت روبينا بالإهانة من جديد، للمرة الثانية تسبب وزير والدها في تشكك دوق بها وإحراجها، هتفت تجيبه:
– لا يا دوق سأنقذك!
أقلعت بمركبتها، أخذت تضرب الأعمدة التي تنطلق منها الأشعة واحد تلو الآخر، رأت جريندايزر يتهاوى ومركبة زوريل تتجه نحوه، هتفت بدوق:”انتبه” لكن حدث مالم تحمد عقباه!
أصاب شعاع زوريل مركبة روبينا بدلًا من جربندايزر، شعرت بآلام رهيبة، انهارت قواها، تخلت عن عصا القيادة وتهاوت امام جريندايزر، سمعت دوق يهتف باسمها، خفت سرعة سقوطها لقد أمسكها جريندايزر، رأت استعداد زوريل للهجوم من جديد، هذا الوزير شرس للغاية ووجودها لا يعنيه، شعرت بالغضب الشديد، هتفت بدوق تطلب منه ان يتركها ويهاجم زوريل فرفض:
– لا أستطيع، إن تركتك تسقطين وتموتين!
لا زال هذا الأمير نبيلًا كما أحبته، أرادت أن تنضم إليه ولو لآخر مرة، تحاملت على نفسها وضغطت زر إطلاق أشعة مركبتها، أصابت الأشعة مركبة زوريل، تمكن دوق من إنزال مركبتها على الأرض، لم تتمكن بعدها من رؤية شيء، فقط سمعت أصوات انفجارات عنيفة، شعرت بالأرض ترتج بشدة، تعاظمت آلامها كثيرًا، أخيرًا وجدت دوق أمام قمرة قيادتها، بالكاد رفعت زجاج قمرة القيادة فقفز إليها، كانت ملامحه ظاهرة بعد أن خلع خوذته أخيرًا، انحنى يحملها برفق وقفز بها خارجًا.
سار دوق بالأميرة بضعة أمتار ثم أرقدها بحنان على العشب الأخضر وسط الأزهار و جلس على ركبتيه إلى جانبها، كانت هي متهالكة وفي اسوأ حالاتها، كانت الآلام تجتاحها في نوبات مفاجئة، بالكاد تتحدث، رفعت كفيها بضعف فالتقطهما، كم كانت تتمنى ان ترى ملامحه وأن تشعر ببيديه تحتويها، كانت تشعر بحسرة لا حدود لها، هي تعرف أنها على مشارف الموت وأن ما بقي لها في حياتها هو دقائق معدودة، هذه الدقائق هي آخر ما تتمناه من الدنيا، أرادت أن تمنح دوق شيئًا أخيرًا، شيئًا تدافع به عن صدق نواياها تجاهه، همست له:
– دوق، قاعدة فيجا على الطرف الآخر من القمر.
نظر لها وسألها بهدوء:
– لماذا تعطيني هذه المعلومات؟
– حتى تثق بي!
لقد كان تشكك دوق يجرح مشاعر روبينا، وكانت تصرفات زوريل تؤكد شكوكه، هي الآن لا تملك غير هذه المعلومة لتقدمها قربانًا لثقته بها، كان دوق ينظر لعينيها وهي تنطفئ، لم يهتم بأمر القاعدة، قال لها:
– أنا أثق بك لهذا أتيت! تعالي معي روبينا!
كانت هذه الكلمات أجمل ما سمعته، هو أخيرًا يثق بها، ستموت وهو راض عن ذكراها، قالت له:
– دوق أريدك أن تخدمني.
– بماذا؟
– حين تعود لفليد سم أول وردة روبينا.
– الوردة.
– نعم، كل ربيع أزدهر وأعود إليك وحتى تذكرني دائمًا.
كان هذا جل ما تتمناه وقتها، لقد أحبته حتى في موته، تمنت فقط أن يذكرها بعد موتها، أجابها دوق:
– روبينا لا تموتي سنعود معًا!
كان هذا ما تمنته صباح ذلك اليوم لكن لم يعد لهذا معنى الآن:
– لن أموت يا دوق سأصبح وردة أكون دومًا بقربك!
قالتها واشتد المها وأغمضت عينيها طويلًا، طويلًا جدًا.
اترك تعليقًا